وإذا كان التكليف سيأخذ منك بعضاً من الجهد، فهناك فاصل زمني للراحة، وأنت في حياتك تجد وقتاً للراحة، ووقتاً للحركة، والراحة تجعلك تسعى بنشاط إلى الحركة، والحركة تأخذ منك الجهد الذي تحب أن ترتاح بعده.
إذن : فالحركة تحتاج للراحة، والراحة تحتاج للحركة.
وجاء الحق سبحانه إلى الفترة الزمنية المسماة " اليوم "، فبيَّن لنا أنه كما قسَّم الوجود الإنساني إلى مرحلتين :
الأولى : هي ما قبل البلوغ ولا تكليف فيها.
والثانية : هي ما بعد البلوغ وفيها التكليف.
فقد قسَّم الله سبحانه أيضاً " اليوم " إلى وقت للراحة ووقت للحركة، فقال الله تعالى ﴿ هُوَ الذي جَعَلَ لَكُمُ اليل لِتَسْكُنُواْ فِيهِ والنهار مُبْصِراً ﴾ [ يونس : ٦٧ ].
فكما خلق سبحانه لنا اليوم وفيه وقت للراحة، ووقت للحركة، كذلك شرع الحق سبحانه منهج الدين ؛ لتستقيم حركة الحياة ؛ لأن الإنسان الخليفة في الأرض لا بد أن يتحرك، لا بد أن تكون حركته على مقتضى " افعل كذا " و " لا تفعل كذا "، وما لم يَرِدْ فيه " افعل " و " لا تفعل " فهو مباح ؛ إن شاء فعله، وإن شاء لم يفعله.
وكل فعل، وكل نهي يتطلب حركة، وإياك أن تتصور أن النهي لا يتطلب حركة ؛ لأنك تتحرك في أمر ما ثم يأتيك قرار التوقف، وقد تتوهم أن التوقف لا يحتاج إلى حركة ؛ لأنه سلبك ملكة القيام بما تعمل، ولكنك تنسى أن هناك حركة داخلية، وهي الدوافع التي كانت تلح عليك أن تقوم بما تشتهيه نفسك ولا يواكب منهج الله، وأنت تكبت تلك الدوافع وتكبح جماحها ؛ لأن الله سبحانه قد أمرك بذلك.
وما دامت هناك حركة فلا بد أن يأتي منها تعب ؛ لذلك جعل الله تعالى لك حقّاً في الراحة.


الصفحة التالية
Icon