إذن : فقد سبق القرآن كل النظريات، وبيَّن لنا أن النهار إنما يأتي بالضوء فينعكس الضوء من الكائنات والموجودات إلى العين فتراه.
إذن : فالنهار هو المبصر ؛ لأنه جاء بالضوء اللازم لانعكاس هذا الضوء من المرائي إلى العيون.
ونحن نجد القرآن حين يتعرض لليل والنهار يقول :
﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ ايل والنهار ﴾ [ فصلت : ٣٧ ].
ويقول :
﴿ وَجَعَلْنَا اليل والنهار آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَآ آيَةَ اليل وَجَعَلْنَآ آيَةَ النهار مُبْصِرَةً ﴾ [ الإسراء : ١٢ ].
وهي مبصرة كما أثبت الحسن بن الهيثم العالم المسلم، وإن كانت في ظاهر الامر مُبْصَرٌ فيها.
ويعطي لنا الحق سبحانه تجربة حية مع موسى عليه السلام، وذلك في قوله سبحانه لموسى عليه السلام :
﴿ وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ ياموسى * قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا على غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أخرى * قَالَ أَلْقِهَا ياموسى * فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تسعى ﴾ [ طه : ١٧٢٠ ].
وشاء الحق سبحانه ذلك ؛ ليتعرف موسى بالتجربة على ما سوف يحدث من عصاه أمام فرعون، ثم أمام السحرة، ثقة منه سبحانه أن موسى حين يراها تنقلب إلى حية أمام عينيه لأول وهلة سوف يفزع ؛ فيطمئنه الحق سبحانه بقوله :
﴿ خُذْهَا وَلاَ تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيَرتَهَا الأولى ﴾ [ طه : ٢١ ]
وكانت المرة الأولى لتحوُّلِ العصا إلى حية، هي تجربة للاستعداد ؛ حتى لا يجزع موسى عليه السلام أو يخاف لحظة أن يمر بالتجربة العملية، وحتى يقبل على تقديم المعجزة وهو واثق تمام الثقة أمام فرعون.
ثم قال الحق سبحانه لموسى عليه السلام :
﴿ وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ ﴾ [ النمل : ١٢ ].


الصفحة التالية
Icon