ونقول : لننتبه إلى أن الحق سبحانه حين يتكلم عن زمان فهو يبيِّن في هذا الزمان مهمته، وهو القائل في صدر الآية ووسطها :
﴿ جَعَلَ لَكُمُ اليل لِتَسْكُنُواْ فِيهِ والنهار مُبْصِراً ﴾ [ يونس : ٦٧ ].
فالعلَّة في هذه الآية هي سكون الليل، لا حركة النهار، والعين في الليل لا تؤدي مهمتها، بل السمع هو الذي يؤدي مهمته.
والحق سبحانه هو القائل :
﴿ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ الله عَلَيْكُمُ اليل سَرْمَداً إلى يَوْمِ القيامة مَنْ إله غَيْرُ الله يَأْتِيكُمْ بِضِيَآءٍ أَفَلاَ تَسْمَعُونَ ﴾ [ القصص : ٧١ ].
أي : أن أحداً لن يستطيع الحركة في مثل هذا الليل السرمدي ولا أحد سيتبيَّن شيئاً.
والحق سبحانه هو القائل :
﴿ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ الله عَلَيْكُمُ النهار سَرْمَداً إلى يَوْمِ القيامة مَنْ إله غَيْرُ الله يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفلاَ تُبْصِرُونَ ﴾ [ القصص : ٧٢ ].
إذن : فقد جاء الحق سبحانه في آية الليل بالسمع، وجاء في آية النهار بالأبصار، وبعد أن تكلم الله سبحانه عن مجال الحركة بالنهار والراحة في الليل، يأتي الكلام عن الينبوع الذي يجب أن تَصْدُرَ عنه الحركة أو السكون، وهو ضرورة الامتثال لأمر إله واحد حتى لا تصطدم حركتك بآمر إله آخر يقول ما يناقض حركة الإله الأول.
وكما تتحرك في النهار، وترتاح في الليل لا بد أن تكون حركتك صادرة عن أمر واحد، هذا الأمر الواحد صادر من الآمر الواحد، وهو الله تعالى الذي تعبده بلا شريك، ومن يقول بغير ذلك إنما يربك حركة الحياة.
والله سبحانه يقول :
﴿ إِذاً لَّذَهَبَ كُلُّ إله بِمَا خَلَقَ ﴾ [ المؤمنون : ٩١ ]. أ هـ ﴿تفسير الشعراوى صـ ﴾