" فوائد لغوية وإعرابية "
قال السمين :
﴿ هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ (٦٧) ﴾
قوله تعالى :﴿ جَعَلَ لَكُمُ الليل ﴾ :... الآية. انظر إلى فصاحة هذه الآية، حيث حَذَفَ من كل جملةٍ ما ثبت في الأخرى، وذلك أنه ذكر علة جَعْل الليل لنا، وهي قوله " لتسكنوا " وحَذَفها مِنْ جَعْل النهار، وذَكَر صفةَ النهار وهي قوله " مُبْصِراً " وحَذَفَها من الليل لدلالة المقابل عليه، والتقدير : هو الذي جَعَل لكم الليل مُظْلماً لتَسْكُنوا فيه والنهارَ مُبْصِراً للتحرَّكوا فيه لمعاشِكم، فحذف " مُظْلماً " لدلالة " مبصراً " عليه، وحذف " لتتحَرَّكوا " لدلالة " لتسكنوا " وهذا أفصحُ كلامٍ.
وقوله :﴿ مُبْصِراً ﴾ أسند الإِبصارَ إلى الظرف مجازاً كقولِهم " نهارُه صائم وليله قائم ونائم " قال :

٢٦٠٥.................. ونِمْتِ وما ليلُ المَطِيِّ بنائمِ
وقال قطرب :" يقال : أَظْلَمَ الليلُ : صار ذا ظلمة، وأضاء النهار : صار ذا ضياء، فيكون هذا من باب النسبِ كقولهم لابن وتامر، وقوله تعالى :﴿ عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ ﴾ [ الحاقة : ٢٠ ]، إلا أن ذلك إنما جاء في الثلاثي، وفي فعَّل بالتضعيف عند بعضِهم في قوله تعالى :﴿ وَمَا رَبُّكَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ ﴾ [ فصلت : ٤٦ ]، في أحد الأوجه. أ هـ ﴿الدر المصون حـ ٦ صـ ٢٣٧ ـ ٢٣٨﴾


الصفحة التالية
Icon