فالقرآن مزيل لهذه الأمراض كلها، لأن فيه الوعظ والزجر والتخويف والترغيب والترهيب والتحذير والتذكير فهو الدواء والشفاء لهذه الأمراض القلبية، وإنما خص الصدر بالذكر، لأنه موضع القلب وغلافه وهو أعز موضع في بدن الإنسان لمكان القلب فيه ﴿ وهدى ﴾ يعني وهو هدى من الضلالة ﴿ ورحمة للمؤمنين ﴾ يعني ونعمة على المؤمنين لأنهم هم الذين انتفعوا بالقرآن دون غيرهم ﴿ قل بفضل الله وبرحمته ﴾ الباء في بفضل الله متعلقة بمضمر استغنى عن ذكره لدلالة ما تقدم عليه وهو قوله قد جاءتكم موعظة من ربكم.
والفضل هنا : بمعنى الإفضال ويكون معنى الآية على هذا يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهو القرآن بإفضال الله عليكم ورحمته بكم وإرادته الخير لكم ثم قال سبحانه وتعالى :﴿ فبذلك فليفرحوا ﴾ أشارة بذلك إلى القرآن لأن المراد بالموعظة والشفاء : القرآن فترك اللفظ وأشار إلى المعنى وقيل : فبذلك فليفرحوا إشارة إلى معنى الفضل والرحمة والمعنى فبذلك التطول والإنعام فليفرحوا قال الواحدي الفاء في قوله تعالى : فليفرحوا زائدة كقول الشاعر :
فإذا هلكت فعند ذلك فاجزعي...
فالفاء في قوله فاجزعي، زائدة.
وقال صاحب الكشاف في معنى الآية بفضل الله وبرحمته فليفرحوا فبذلك.
فليفرحوا والتكرير للتأكيد والتقرير إيجاب اختصاص الفضل والرحمة بالفرح دون ما عداهما من فوائد الدنيا فحذف أحد الفعلين لدلالة المذكور عليه والفاء داخلة لمعنى الشرط فكأنه قيل : إن فرحوا بشيء فليخصوهما بالفرح، فإنه لا مفروح به أحق منهما، والفرح : لذة في القلب بإدراك المحبوب والمشتهى.


الصفحة التالية
Icon