يقال : فرحت بكذا إذا أدركت المأمول ولذلك أكثر ما يستعمل الفرح في اللذات البدنية الدنيوية واستعمل هنا فيما يرغب فيه من الخيرات ومعنى الآية ليفرح المؤمنون بفضل الله ورحمته أي ما آتاهم الله من المواعظ وشفاء الصدور وثلج اليقين بالإيمان وسكون النفس إليه ﴿ هو خير مما يجمعون ﴾ يعني من متاع الدنيا ولذاتها الفانية هذا مذهب أهل المعاني في هذه الآية.
وأما مذهب المفسرين فغير هذا، فإن ابن عباس والحسن وقتادة قالوا : فضل الله الإسلام ورحمته القرآن وقال أبو سعيد الخدري : فضل الله القرآن ورحمته أن جعلنا من أهله.
وقال ابن عمر : فضل الله الإسلام ورحمته تزيينه في قلوبنا.
وقيل : فضل الله الإسلام ورحمته الجنة.
وقيل : فضل الله القرآن ورحمته السنن.
فعلى هذا الباء في بفضل الله تتعلق بمحذوف يفسره ما يعده تقديره قل فليفرحوا بفضل الله وبرحمته ﴿ قل ﴾ أي قل يا محمد لكفار مكة ﴿ أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق ﴾ يعني من زرع وضرع وغيرهما وعبر عما في الأرض بالإنزال لأن جميع ما في الأرض من خير ورزق فإنما هو من بركات السماء ﴿ فجعلتم منه ﴾ يعني من ذلك الرزق ﴿ حراماً وحلالاً ﴾ يعني ما حرموه على أنفسهم في الجاهلية من الحرث والأنعام، كالبحيرة والسائبة والوصيلة والحامي.