وقال القرطبى :
﴿ وَقَالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ (٧٩) ﴾
إنما قاله لما رأى العصا واليد البيضاء واعتقد أنهما سحر.
وقرأ حمزة والكسائيّ وابن وَثّاب والأعمش "سحار".
وقد تقدم في الأعراف القول فيهما.
﴿ فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ قَالَ لَهُمْ مُوسَى أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ (٨٠) ﴾
أي اطرحوا على الأرض ما معكم من حبالكم وعِصِيكم.
وقد تقدم في الأعراف القول في هذا مستوفى.
قوله تعالى :﴿ فَلَمَّآ أَلْقُواْ قَالَ موسى مَا جِئْتُمْ بِهِ السحر ﴾
تكون "مَا" في موضع رفع بالابتداء، والخبر "جِئتم بِهِ" والتقدير : أي شيء جِئْتُمْ به، على التوبيخ والتصغير لما جاؤوا به من السحر.
وقراءة أبي عمرو "آلِّحْرُ" على الاستفهام على إضمار مبتدأ والتقدير أهو السحر.
ويجوز أن يكون مبتدأ والخبر محذوف، التقدير : السحر جئتم به.
ولا تكون "ما" على قراءة من استفهم بمعنى الذي، إذ لا خبر لها.
وقرأ الباقون "السِّحْرُ" على الخبر، ودليل هذه القراءة قراءة ابن مسعود :"مَا جِئْتُمْ بِهِ سِحْرٌ".
وقراءة أُبَيّ :"ما أتيتم به سحر" ؛ ف "ما" بمعنى الذي، و "جئتم به" الصلة، وموضع "ما" رفع بالابتداء، والسحر خبر الابتداء.
ولا تكون "ما" إذا جعلتها بمعنى الذي نصباً لأن الصلة لا تعمل في الموصول.
وأجاز الفراء نصب السحر بجئتم، وتكون ما للشرط، وجئتم في موضع جزم بما والفاء محذوفة ؛ التقدير : فإن الله سيبطله.
ويجوز أن ينصب السحر على المصدر، أي ما جئتم به سحراً، ثم دخلت الألف واللام زائدتين، فلا يحتاج على هذا التقدير إلى حذف الفاء.
واختار هذا القول النحاس، وقال : حذف الفاء في المجازاة لا يجيزه كثير من النحويين إلا في ضرورة الشعر ؛ كما قال :
من يفعل الحسنات اللَّه يشكرها...
بل ربما قال بعضهم : إنه لا يجوز ألبتة.