فصل


قال الفخر :
قوله تعالى :﴿فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ﴾
قال المفسرون : هذا إشارة إلى أنه ما أخذ منهم مالاً على دعوتهم إلى دين الله تعالى ومتى كان الإنسان فارغاً من الطمع كان قوله أقوى تأثيراً في القلب.
وعندي فيه وجه آخر وهو أن يقال : إنه عليه السلام بين أنه لا يخاف منهم بوجه من الوجوه وذلك لأن الخوف إنما يحصل بأحد شيئين إما بإيصال الشر أو بقطع المنافع، فبين فيما تقدم أنه لا يخاف شرهم وبين بهذه الآية أنه لا يخاف منهم بسبب أن يقطعوا عنه خيراً، لأنه ما أخذ منهم شيئاً فكان يخاف أن يقطعوا منه خيراً.
ثم قال :﴿إِنْ أَجْرِىَ إِلاَّ عَلَى الله وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ المسلمين﴾ وفيه قولان : الأول : أنكم سواء قبلتم دين الإسلام أو لم تقبلوا، فأنا مأمور بأن أكون على دين الإسلام.
والثاني : أني مأمور بالاستسلام لكل ما يصل إلي لأجل هذه الدعوة.
وهذا الوجه أليق بهذا الموضع، لأنه لما قال :﴿ثُمَّ اقضوا إِلَىَّ﴾ بين لهم أنه مأمور بالاستسلام لكل ما يصل إليه في هذا الباب، والله أعلم. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٧ صـ ١١٢﴾


الصفحة التالية
Icon