وقال ابن عطية :
قوله تعالى ﴿ وقال موسى ﴾ الآية
غضب من موسى على القبط ودعاء عليهم فقدم للدعاء تقرير نعم الله عليهم وكفرهم بها، و﴿ آتيت ﴾ معناه أعطيت وملكت، وتكرر قوله ﴿ ربنا ﴾ استغاثة كما يقول الداعي بالله، وقوله ﴿ ليضلوا ﴾ يحتمل أن يكون لام كي على بابها على معنى آتيتهم الأموال إملاء لهم واستدراجاً فكان الإيتاء كي يضلوا ويحتمل أن تكون لام الصيرورة والعاقبة، كما قال ﴿ فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزناً ﴾ [ القصص : ٨ ] والمعنى آتيتهم ذلك فصار أمرهم إلى كذا، وروي عن الحسن أنه قال : هو دعاء ويحتمل أن يكون المعنى على جهة الاستفهام أي ربنا ليضلوا فعلت ذلك، وفي تقرير الشنعة عليهم.
وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر والحسن والأعرج وشيبة وأبو جعفر ومجاهد وأبو رجاء وأهل مكة :" ليَضلوا " بفتح الياء على معنى ليضلوا في أنفسهم، وقرأ عاصم وحمزة والكسائي والأعمش وقتادة وعيسى والحسن والأعرج بخلاف عنه " ليُضلوا " بضم الياء على معنى ليضلوا غيرهم، وقرأ الشعبي " ليِضلوا " بكسر الياء، وقرأ الشعبي أيضاً وغير " اطمُس " بضم الميم، وقرأت فرقة " اطمِس " بكسر الميم وهما لغتان، وطمس يطمس ويطمُس، قال أبو حاتم : وقراءة الناس بكسر الميم والضم لغة مشهورة، معناه عف وغيره وهو من طموس الأثر والعين وطمس الوجوه ومنه قول كعب بن زهير :[ البسيط ]
من كل نضاخه الذفرى إذا عرفت... عرضتها طامس الأعلام مجهول