وقال الخازن :
قوله سبحانه وتعالى :﴿ فلولا ﴾ يعني فهلا ﴿ كانت قرية ﴾ وقيل معناه فما كانت قرية وقيل لم تكن قرية لأن في الاستفهام معنى الحجة والمراد هل كانت قرية ﴿ آمنت ﴾ يعني عند معاينة العذاب ﴿ فنفعها إيمانها ﴾ يعني في حال اليأس ﴿ إلا قوم يونس ﴾ هذا استثناء منقطع يعني لكن قوم يونس فإنهم آمنوا فنفعهم إيمانهم في ذلك الوقت وهو قوله ﴿ لما آمنوا ﴾ يعني لما أخلصوا الإيمان ﴿ كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ومتعناهم إلى حين ﴾ يعني إلى وقت انقضاء آجالهم واختلفوا في قوم يونس هل رأوا العذاب عياناً أم لا فقال بعضهم رأوا دليل العذاب فآمنوا ؛ وقال الأكثرون إنهم رأوا العذاب عياناً بدليل قوله كشفنا عنهم عذاب الخزي والكشف لا يكون إلا بعد الوقوع أو إذا قرب وقوعه.
( ذكر القصة في ذلك )
على ما ذكره عبد الله بن مسعود وسعيد بن جبير ووهب وغيرهم قالوا : إن قوم يونس كانوا بقرية نينوى من أرض الموصل وكانوا أهل كفر وشرك فأرسل الله سبحانه وتعالى إليهم يونس عليه السلام يدعوهم إلى الإيمان بالله وترك عبادة الأصنام فدعاهم فأبوا عليه فقيل له أخبرهم أن العذاب مصبحهم إلى ثلاث فأخبرهم بذلك فقالوا إنا لم نجرب عليه كذباً قط فانظروا فإن بات فيكم الليلة فليس بشيء وإن لم يبت فاعلموا أن العذاب مصبحكم فلما كلان جوف الليل خرج يونس من بين أظهرهم فلما أصبحوا تغشاهم العذاب فكان فوق رؤوسهم.
قال ابن عباس : إن العذاب كان أهبط على قوم يونس حتى لم يكن بينهم وبينه إلا قدر ثلثي ميل فلما دعوا كشف الله عنهم ذلك.