وقال ابن عطية :
﴿ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآَمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا ﴾
المعنى أن هذا الذي تقدم إنما كان جميعه بقضاء الله عليهم ومشيئته فيهم، ولو شاء الله لكان الجميع مؤمناً فلا تأسف أنت يا محمد على كفر من لم يؤمن بك، وادع ولا عليك فالأمر محتوم، أفتريد أنت أن تكره الناس بإدخال الإيمان في قلوبهم وتضطرهم إلى ذلك والله عز وجل قد شاء غيره.
قال القاضي أبو محمد : فهذا التأويل الآية عليه محكمة أي ادع وقاتل من خالفك، وإيمان من آمن مصروف إلى المشيئة وقالت فرقة : المعنى أفأنت تكره الناس بالقتال حتى يدخلوا في الإيمان، وزعمت أن هذه الآية في صدر الإسلام وأنها منسوخة بآية السيف، والآية على كلا التأويلين رادة على المعتزلة، وقوله تعالى :﴿ كلهم جميعاً ﴾ تأكيد وهو من فصيح الكلام، و﴿ جميعاً ﴾ حال مؤكدة، ونحوه قوله ﴿ لا تتخذوا إلهين اثنين ﴾ [ النحل : ٥١ ] وقوله تعالى :﴿ وما كان لنفس أن تؤمن إلا بإذن الله ﴾ الآية، رد إلى الله تعالى وإلى أن الحول والقوة لله، في إيمان من يؤمن وكون الرجس على الكفار، وقرأ عاصم في رواية أبي بكر " ونجعل الرجس " بنون العظمة، وقرأ الباقون وحفص عن عاصم :" ويجعل " بالياء وقرأ الأعمش :" ويجعل " الله الرجس "، و﴿ الرجس ﴾ يكون بمعنى العذاب كالرجز، ويكون بمعنى القذر والنجاسة ذكره أبو علي هنا وغيره وهو في هذه الآية بمعنى العذاب، و﴿ لا يعقلون ﴾ يريد آيات الله وحجج الشرع. ومعنى " الإذن " في هذه الآية الإرادة والتقدير لذلك، فهو العلم والتمكين. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٣ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon