وفي "الحواشي الشهابية" أن ﴿ مَا كَانَ ﴾ إن كان بمعنى ما وجد احتاج إلى تقييد النفس بمن علم أنها تؤمن وإن كان بمعنى ما صح لا يحتاج إليه ولذا ذكره من ذكره وتركه من تركه وفيه خفاء فتأمل ﴿ وَيَجْعَلُ الرجس ﴾ أي الكفر كما في قوله تعالى :﴿ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إلى رِجْسِهِمْ ﴾ [ التوبة : ١٢٥ ] بقرينة ما قبله، وأصله الشيء الفاسد المستقذر وعبر عنه بذلك لكونه علماً في الفساد والاستقذار، وقيل : المراد به العذاب وعبر عنه بذلك لاشتراكهما في الاستكراه والتنفر، وأن إرادة الكفر منه باعتبار أنه نقل أولاً عن المستقذر إلى العذاب للاشتراك فيما ذكر ثم أطلق على الكفر لأنه سببه فيكون مجازاً في المرتبة الثانية، واختار الإمام التفسير الأول تحاشياً مما في إطلاق المستقذر على عذاب الله تعالى من الاستقذار وبعض الثاني لما أن كلمة ﴿ على ﴾ في قوله تعالى :﴿ عَلَى الذين لاَ يَعْقِلُونَ ﴾ أي لا يستعملون عقولهم بالنظر في الحجج والآيات أو لا يعقلون دلائله وأحكامه لما على قلوبهم من الطبع تأبى الأول.
وتعقب بأن المعنى يقدره عليهم فلا إباء، ويفسر ﴿ الذين لاَ يَعْقِلُونَ ﴾ بما يكون به تأسيساً كما سمعت في تفسيره، ومنه تعلم أن الفعل منزل منزلة اللازم أوله مفعول مقدر، وقد يفرق بين التفسيرين بأنهم على الأول لم يسلبوا قوة النظر لكنهم لم يوفقوا لذلك وعلى الثاني بخلافه والأمر الآتي ظاهر في الأول، والجملة معطوفة على مقدر كأنه قيل : فيأذن لهم بالإيمان ويجعل الخ أو فيأذن لبعضهم بذلك ويجعل الخ.
وقرىء ﴿ الرجز ﴾ بالزاي ؛ وقرأ حماد.
ويحيى عن أبي بكر ﴿ وَنَجْعَلُ ﴾ بالنون. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ١١ صـ ﴾