والقول الثاني : إن هذا الخطاب ليس هو للنبي ( ﷺ ) البتة ووجه هذا القول إن الناس كانوا في زمنه على ثلاث فرق فرقة له مصدقون وبه مؤمنون وفرقة على الضد من ذلك والفرقة الثالثة المتوقفون في أمره الشاكون فيه فخاطبهم الله بهذا الخطاب، فقال : تمجد وتعالى : فإن كنت أيها الإنسان في شك مما أنزلنا إليك من الهدى على لسان محمد ( ﷺ ) فاسأل أهل الكتاب ليلوك على صحة نبوته وإنما وحد الله الضمير في قوله فإن كنت وهو يريد الجمع لأنه خطاب لجنس الإنسان كما في قوله تعالى :﴿ يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم ﴾ لم يرد في الآية إنساناً بعينه بل أراد الجمع واختلفوا في المسؤول عنه في قوله تعالى :﴿ فاسأل الذين يقرؤون الكتاب من قبلك ﴾ من هم فقال المحققون من أهل التفسير : هم الذين آمنوا من أهل الكتاب كعبد الله بن سلام وأصحابه لأنهم هم الموثوق بأخبارهم.
وقيل : المراد كل أهل الكتاب سواء مؤمنهم وكافرهم لأن المقصود من هذا السؤال الإخبار بصحة نبوة محمد ( ﷺ ) أو أنه مكتوب عندهم صفته ونعته فإذا أخبروا بذلك فقد حصل المقصود والأول أصح.
وقال الضحاك يعني أهل التقوى وأهل الإيمان من أهل الكتاب ممن أدرك النبي ( ﷺ ) ﴿ لقد جاءك الحق من ربك ﴾ هذا كلام مبتدأ منقطع عما قبله وفيه معنى القسم تقديره أسقم لقد جاءك الحق اليقين من الخير بأنك رسول الله حقاً وأن أهل الكتاب يعلمون صحة ذلك ﴿ فلا تكونن من الممترين ﴾ يعني من الشاكين في صحة ما أنزلنا إليك ﴿ ولا تكونن من الذين كذبوا بآيات الله ﴾ يعني بدلائله وبراهينه الواضحة ﴿ فتكون من الخاسرين ﴾ يعني الذين خسروا أنفسهم.


الصفحة التالية
Icon