وقال أبو حيان :
﴿ فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ ﴾
الظاهر أنّ إنْ شرطية.
وروي عن الحسن والحسين بن الفضل أنّ إنْ نافية.
قال الزمخشري : أي مما كنت في شك فسئل، يعني : لا نأمرك بالسؤال لأنك شاك، ولكن لتزداد يقيناً كما ازداد إبراهيم عليه السلام بمعاينة إحياء الموتى انتهى.
وإذا كانت إن شرطية فذكروا أنها تدخل على الممكن وجوده، أو المحقق وجوده، المنبهم زمان وقوعه، كقوله تعالى :﴿ أفإن مت فهم الخالدون ﴾ والذي أقوله : إنّ إنْ الشرطية تقتضي تعليق شيء على شيء، ولا تستلزم تحتم وقوعه ولا إمكانه، بل قد يكون ذلك في المستحيل عقلاً كقوله تعالى :﴿ قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين ﴾ ومستحيل أن يكون له ولد، فكذلك هذا مستحيل أن يكون في شك، وفي المستحيل عادة كقوله تعالى :﴿ فإن استطعت أن تبتغي نفقاً في الأرض أو سلماً في السماء فتأتيهم بآية ﴾ أي فافعل.
لكنّ وقوع إن للتعليق على المستحيل قليل، وهذه الآية من ذلك.
ولما خفي هذا الوجه على أكثر الناس اختلفوا في تخريج هذه الآية، فقال ابن عطية : الصواب أنها مخاطبة للنبي ( ﷺ )، والمراد بها سواه من كل من يمكن أن يشك أو يعارض انتهى.
ولذلك جاء :﴿ قل يا أيها الناس إن كنتم في شك من ديني ﴾ وقال قوم : الكلام بمنزلة قولك : إن كنت ابني فبرني، وليس هذا المثال بجيد، وإنما مثال هذه قوله تعالى لعيسى عليه السلام :﴿ أأنت قلت للناس ﴾ انتهى.
وهذا القول مروي عن الفراء.
قال الكرماني : واختاره جماعة، وضعف بأنه يُصير تقدير الآية : أأنت في شك؟ إذ ليس في الآية ما يدل على نفي الشك.
وقيل : كنى هنا بالشك عن الضيق أي : فإن كنت في ضيق من اختلافهم فيما أنزل إليك وتعنتهم عليك.
وقيل : كنى بالشاك عن العجب أي : فإن كنت في تعجب من عناد فرعون.


الصفحة التالية
Icon