وأنت تعلم أنه لو قدر فعل الإيحاء في ﴿ وَأَنْ أَقِمْ ﴾ [ يونس : ١٠٥ ] كما فعل أبو حيان وصاحب الفرائد لا مانع من العطف كما هو الظاهر على جملة النهي المعطوفة على الجملة الأولى وإدراج جميع المتسقات تحت الإيحاء، وقد يرجح ذلك التقدير بأنه لا يحتاج معه إلى ارتكاب خلاف الظاهر من العطف على البعيد، وقيل : لا حاجة إلى تقدير الإيحاء والعطف كما قيل والأمر السابق بمعنى الوحي كأنه قيل : وأوحى إلى أن أكون الخ والاندراج حينئذٍ مما لا بأس به وهو كما ترى ولا أظنك تقبله ﴿ فَإِن فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مّنَ الظالمين ﴾ أي معدوداً في عدادهم، والفعل كناية عن الدعاء كأنه قيل : فإن دعوت ما لا ينفع ولا يضر، وكني عن ذلك على ما قيل تنويهاً لشأنه عليه الصلاة والسلام وتنبيهاً على رفعة مكانه ﷺ من أن ينسب إليه عبادة غير الله تعالى ولو في ضمن الجملة الشرطية.
والكلام في فائدة نحو النهي المذكور قد مر آنفاً، وجواب الشرط على ما في النهي جملة ﴿ فَإِنَّكَ ﴾ وخبرها أعني ﴿ مِنَ الظالمين ﴾ وتوسطت ﴿ إِذَا ﴾ بين الاسم والخبر مع أن رتبتها بعد الخبر رعاية للفاصلة.
وفي "الكشاف" أن ﴿ إِذَا ﴾ جزاء للشرط وجواب لسؤال مقدر كأن سائلاً سأل عن تبعة عبادة الأوثان فجعل من الظالمين لأنه لا ظلم أعظم من الشرك ﴿ إِنَّ الشرك لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ﴾ [ لقمان : ١٣ ] وهذه عبارة النحويين، وفسرت كما قال الشهاب : بأن المراد أنها تدل على أن ما بعدها مسبب عن شرط محقق أو مقدر وجواب عن كلام محقق أو مقدر.