ألا ترى أنه في القسم كذلك، تقول: "نشدتك الله لما فعلت"، أي: إلا فعلت، يبين ذلك أن "لم" و"لا" كلتاهما للنفي فضمت إلى إحداهما "ما"، وإلى الأخرى "إن" وهما أيضاً للنفي فتقاربتا وتعاقبتا. والفراء يقول: "إنه لما ليوفينهم" فحذفت إحدى الميمات لكثرتها". والزجاج يقول: إنها من لممت الشيء: إذا جمعته، إلا أنها لم تصرف/نحو: تترى وشتى، كأنه: وإن كلاً جميعاً ليوفينهم.
والسراج يقول: (لما) فيه معنى الظرف وقد دخل الكلام اختصار، كأنه: وإن كلاً لما بعثوا ليوفينهم ربك أعمالهم. ومن إشكال هذا الموضع، ما حكي عن الكسائي -وحمده على ذلك أبو علي- أنه قال: "ليس بتشديد (لما) علم، وإنما نقرأ كما أقرئنا". وأما (لما) بالتخفيف فعلى أن "ما" بمعنى "من" كما في قوله: (فانكحوا ما طاب لكم)، أي: وإن كلاً لمن ليوفينهم.
وقيل: بل هو وإن كلاً لليوفينهم، واللام الأولى: لام التأكيد دخل على خبر إن، والثانية: لام القسم، فاحتيج إلى فاصل بينهما ففصل بـ"ما" التي تدخل كثيراً في الكلام زيادة. والفرق بين لام التأكيد والقسم، أن لام التأكيد تدخل على المستقبل.
زلف الليل: ساعاته. قال العجاج: ٥٥٠- ناج طواه [الأين] مما وجفا ٥٥١- طي الليالي زلفاً فرزلفا ٥٥٢- سماوة الهلال حتى احقوقفا. (فلولا كان) [١١٦] أي: فهلا كان، أي: فلم يكن في القرون التي أهلكوا. (أولوا بقية) [يبقون] على أنفسهم وقومهم من عذاب الله. (إلا قليلاً ممن أنجينا)
استثناء منقطع، لأنه إيجاب لم يتقدمه نفي، وإنما تقدمه تهجين لهم، وتوبيخ لمن يسلك مسلكهم. (واتبع الذين ظلموا ما أترفوا) أي: ما عودوا من نعيم الدنيا. وموضعه رفع، أي: هلكوا وتبعتهم آثارهم وديارهم. (وما كان ربك ليهلك القرى بظلم) [١١٧] أي: [بظلم] منه، تعالى [عنه]. (ولا يزالون مختلفين) [١١٨] أي: في الآراء والديانات. (إلا من رحم ربك) [١١٩] من أهل الحق.