قال الإِمام : لمّا وقع ﴿آتَانِي رَحْمَةً﴾ فى جواب كلام فيه ثلاث أَفعال كلُّها متعدّ إِلى مفعولين ليس بينهما حائل بجارّ ومجرور وهو قوله :﴿مَا نَرَاكَ إِلاَّ بَشَرًا مَثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ﴾ و ﴿نَظُنُّكُمْ كَاذِبِيْنَ﴾ أُجرى الجوابُ مُجراه، فجُمع بين المفعولين من غير حائل.
وأَمّا الثانى فقد وقع فى جواب كلام قد حِيل بينهما بجارٍّ ومجرور، وهو قوله :﴿قَدْ كُنتَ فِينَا مَرْجُوّاً﴾ ؛ لأَنَّ خبر كان بمنزلة المفعول، لذلك حيل فى الجواب بين المفعولين بالجارّ والمجرور.
قوله :﴿لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالاً إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ﴾ فى قِصّة نُوح، وفى غيرها ﴿أَجْرًا إِنْ أَجْرِيَ﴾ لأَنَّ فى قصّة نوح وقع بعدها (خزائن) ولفظ الال للخزائن أَليق.
قوله :﴿وَلاَ أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ﴾ وفى الأَنعام :﴿وَلاَ أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ﴾ ؛ لأَنَّ [ما] فى الأَنعام آخر الكلام [بدأَ] فيه بالخطاب، وخَتَم به، وليس [ما] فى هذه السّورة آخر الكلام، بل آخره ﴿تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ﴾ فبدأَ بالخطاب وخَتَم به فى السّورتين.
قوله :﴿وَلاَ تَضُرُّونَهُ شَيْئاً﴾ وفى التَّوبة) ﴿وَلاَ تَضُرُّوهُ شَيْئاً﴾ ذُكر هذا فى المتشابه، وليس منه ؛ لأَنَّ قوله :﴿وَلاَ تَضُرُّونَهُ شَيْئاً﴾ عَطْف على قوله :﴿وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي﴾، فهو مرفوع، وفى التَّوبة معطوف على ﴿يُعَذِّبْكُمْ وَيَسْتَبْدِلْ﴾ وهما مجزومان، فهو مجزوم.


الصفحة التالية
Icon