ويعني بالذي جاء بالصدق محمدا صلى اللّه عليه وسلم، والذي صدق به أبا بكر رضي اللّه عنه، لأنه كان الثاني بالغار، والثاني بالإمامة والخلافة، وكان من النبي صلى اللّه عليه وسلم بمنزلة السمع والبصر، ويجعل عود الضمير للنبي بهذا المعنى لقوله صلى اللّه عليه وسلم (إنهما يعني أبا بكر وعمر) منى بمنزلة السمع والبصر، نعم إنهما كانا كذلك وإن عليا كرم اللّه وجهه أقرب منهما لكن اختصاصهما أو أحدهما في هذه الآية بعيد ولم يرد القائل إلا تعزيز مكانتهما وتعظيمهما، وهما عظيمان عزيزان من دون هذا، ومن غير أن تقروا لهما ما هو خلاف الواقع، فمكانتهما عند اللّه وعند خلقه عظيمة بهذا وبغيره وهما عند الناس معظمان به وبدونه، على أن هناك أقوال أخر بأن الشاهد هو جبريل عليه السلام أو هو ملك آخر أو هو الإنجيل لأنه يتلوه في التصديق نبوة محمد صلى اللّه عليه وسلم، لكن وجود نزولها قبل القرآن يأبى الركون إلى القول به، والقول الأول الذي جرينا عليه هو الصحيح، لمناسبته سياق التنزيل وقبوله من كبار المفسرين، كأبي السعود وأضرابه، وناهيك بمفتى الثقلين قدوة، وإنما نقلنا تلك الأقوال - وإن كنا لا نراها - للوقوف على صحتها وعدمه، وليعلم القارئ بالاطلاع عليها أننا لم نغفل شيئا مما له مساس بالمعاني ولا بالألفاظ.
هذا، واللّه أعلم.


الصفحة التالية
Icon