عنهم ويقونهم من عذاب اللّه إذا أراد إيقاعه فيهم، ولكنه تعالى يمهلهم في الدنيا ليزدادوا إثما ويأخذوا ما هو مقدر لهم في الأزل من رزق حرام وعمل سيىء حتى لا يبقى لهم شيء في الدنيا ثم يميتهم و"يُضاعَفُ لَهُمُ الْعَذابُ" في الآخرة على عدم إيمانهم وصدّهم الناس عن الإيمان ومنعهم من سلوك الطريق المستقيم وإنكارهم الآخرة، لأنهم صموا في الدنيا عن سماع هذا الحق و"ما كانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ" لما يبلغهم نبيهم من وحي اللّه "وَما كانُوا يُبْصِرُونَ ٢٠" نهج السلام لينتفعوا به، وقد حرموا فوائد هاتين الحاستين التي منحها اللّه الإنسان ليستعملها في طلب الخير ودفع الشر، مع أن الحيوانات العجم تستفيد منها بدفع ما يضرهم برؤية أو سماع
"أُولئِكَ"
الذين هذه صفتهم هم "الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ"
بإبدالهم عبادة النافع الضار بعبادة الأوثان التي لا تضّر ولا تنفع "وَضَلَّ عَنْهُمْ"
بسبب صفقتهم الخاسرة "ما كانُوا يَفْتَرُونَ
٢١" في الدنيا على أنفسهم وغيرهم من أن الأوثان أو ما يعبدونهم من الملائكة وغيرهم يشفعون لهم في الآخرة "لا جَرَمَ" لا محالة حقا وجرم في الأصل فعل ماضي بمعنى كسب، قال الشاعر :
نصبنا رأسه في جذع نخل بما جرمت يداه وما اعتدينا