شرفا وحسبا أعلى عند اللّه مما أنتم عليه "وَلكِنِّي أَراكُمْ" يا قوم بأقوالكم هذه وتطاولكم عليّ "قَوْماً تَجْهَلُونَ ٢٩" عظمة اللّه الذي عنده أكرم الناس أتقاهم لمحارمه وأخوفهم من عذابه، لا الأكثرون أموالا والأكبرون جاها والأحسنون حرفة، ولا العالون نسبا وحسبا، فالمؤمن الحقير بأعينكم خير عند اللّه من العظيم الكافر، فارتكزوا
على الحكمة ولا تتسافهوا بإطالة اللسان على المؤمنين مهما كانوا، فهم أحسن منكم عندي وعند اللّه، لأنكم لا تعلمون ما ينبغي أن يعلم.
هذا وقد يأتي لفظ الجهل بمعنى التعدي على الغير، ومنه قول صاحب المعلقة :
ألا لا يجهلن أحد علينا فنجهل فوق جهل الجاهلين
وقدمنا في الآية ١١١ من الشعراء في ج ١ أن خسة الصنعة لا تضر مع الإيمان، وكم من صاحب صنعة خسيسة هو عند اللّه أفضل من كثير من خلقه، راجع الآية ١١٣ من سورة الحجرات في ج ٣ "وَيا قَوْمِ مَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ" يوم الجزاء ويحول دون تعذيبي والانتقام مني "إِنْ طَرَدْتُهُمْ" الآن بعد أن أظهروا الإيمان باللّه وأخلصوا دينهم له "أَ فَلا تَذَكَّرُونَ ٣٠" عاقبة أمر الذين يطردون المؤمنين، فتنبهوا عما أنتم فيه من الاستكبار والضاد، ونبهوا أنفسكم وغيركم، وأعرضوا عن مجادلتكم هذه التافهة، وآمنوا مثلهم لتفوزوا بخيري الدنيا والآخرة.
مطلب تبرؤ الأنبياء من الحول والقوة وكون الإرادة غير الأمر وصنع السفينة :
"وَلا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزائِنُ اللَّهِ" فاتبعوني لأعطيكم منها.