قال الأخباريون : بعد أن سمع نوح من ربه ما سمع أقبل على عمل السفينة، ولهي عن قومه بها، فقلع الخشب وضرب الحديد، ومحيا الإسفلت وهو القار، أي القير الأسود، واستحضر كل ما يحتاجه لعملها، وباشر صنعها بيده بمقتضى ستراءى له من صورتها، فصار لا يخطىء بشيء لأن العلم له هو اللّه ربه والعمل بجرأة النبوة كما فهمه من معنى الوحي وكيف يخطىء وهو أكمل البشر في زمانه، وصنع الكامل لا يكون إلا كاملا، وجعل يدأب على عملها وحده "وَكُلَّما مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ" ضحكوا من عمله واستهزءوا به، ويقولون له صرت نجارا بعد أن كنت نبيا، وكيف تصنع سفينة في أرض ييس من برية لا ماء فيها، وذلك أنه بدأ عملها بعيدا عن قومه وعن الماء بوحي ربه، وعادة الرسل أنهم لا يسألون ربهم عند ما يأمرهم بشيء تأدبا ولعلمهم أنه لا يأمرهم إلا بما فيه فوزهم، راجع الآية ٦٢ من الشعراء المارة في ج ١ "قالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا" على ما ترون من


الصفحة التالية
Icon