"وَقالَ" الملك السلام مخاطبا رسوله نوحا عليه السلام ومن آمن معه "ارْكَبُوا فِيها" فقد آن إغراق الكفرة، فأمر عليه السلام أن يستقر كل في طبقته، ولما تم ذلك لم يعرف عليه السلام كيف يمشيها على الماء فقال تعالى له ولصحبه إذا أردتم سيرها قولوا "بِسْمِ اللَّهِ مَجْراها" فإنها تسير بإذن اللّه الذي نجاكم عليها "وَ" إذا أردتم إرساءها قولوا بسم اللّه "مُرْساها" فإنها تقف حالا وهذا تعليم من اللّه لعباده بأن من أراد أمرا فعليه أن يبدأه بذكر اللّه ليبارك له فيه وينجح بغايته المحمودة قالوا فصارت الأرض تنبع مياها غزيرة والسماء تمطر مياها وافرة مدة أربعين يوما بشدة وهم بالسفينة لم يبرحوا مكانهم ويشاهدون عظمة اللّه، قال تعالى (فَفَتَحْنا أَبْوابَ السَّماءِ بِماءٍ مُنْهَمِرٍ) الآية ١١ (وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى الْماءُ عَلى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ) الآية ١٢ من سورة القمر المارة في ج ١، قالوا وارتفع الماء بالسفينة على أعلى جبل أربعين ذراعا فطافت بإذن اللّه بين عاصفة من الأمواج وصار سيدنا نوح عليه السلام إذا أراد إيقافها قال بسم اللّه مرساها فتفف، وإذا أراد سيرها قال بسم اللّه مجراها فتسير مهما كان يحوطها من أمواج وعواصف، ولم يحجه ربه إلى المرابط والمراسي والمجاديف والملاحين فقال عليه السلام شكرا لهذه النعمة "إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ٤١" بمن تاب وأناب من عباده، ومن رأفته يقبلهم إذا رجعوا إليه بعد كفرهم.


الصفحة التالية
Icon