المقربين، وكما أن القرب من اللّه يكون سببا لكثرة أدبه معه فكذلك القريب من السلطان يكون أكثر من غيره أدبا وخوفا منه لما يرى من بطشه ولتأمين مقامه ومكانته عنده وعند الناس.
هذا وليس في الآيات ما يقتضي صدور ذنب أو معصية من نوح عليه السلام سوى تأويله وإقدامه على سؤال ربه بنجاة ابنه، وهو مما لا يؤاخذ عليه ولا يستوجب العتبى إلا عتاب الأحباب، وقدمنا في الآية ١٢١ من سورة طه في ج ١ ما يتعلق بعصمة الأنبياء ومعنى ما يصدر منهم فراجعه.
قال تعالى "قِيلَ يا نُوحُ اهْبِطْ" بسفينتك على المحل الذي استقرت عليه وانزل إلى الأرض المستوية المعتدلة مما حول جبل الجودي "بِسَلامٍ" وأمان من الغرق وتحية "مِنَّا وَبَرَكاتٍ عَلَيْكَ وَعَلى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ" من ذرية أهل السفينة، وهذه بشارة من اللّه تعالى إليهم بالنمو والخيرات وإلى قرون تجيء بعده، قال تعالى (وَجَعَلْنا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْباقِينَ) الآية ١٧ من سورة الصافات الآتية، أي إلى يوم القيامة، لأن الخليقة الموجودة الآن منسوبة إلى أولاده الثلاثة سام وحام ويافث، ولهذا يسمى أبا البشر الثاني بعد الأب الأول آدم عليه السلام، وبهذا يستدل القائل بأن الطوفان عم الأرض كلها، وأن دعوة نوح شملت كل من كان عليها، قال محمد بن كعب القرظي دخل في هذه البشارة كل مؤمن إلى يوم القيامة.
وإلى هنا للتمهت قصة نوح عليه السلام التي قصها علينا في كتابة.