و قدرتكم مما تنوونه لي من الشر من كل ما تتمكنون عليه "إِنِّي عامِلٌ" ما أتمكن عليه بقدر ما يؤيدني به اللّه من النصر ويمكنني من القدرة، فابذلوا أنتم غاية جهدكم في شقاقي وأقصى طاقتكم في عدواني وإني لا أزال أثابر على عمل الخير لكم وترغيبكم لطاعته لعلكم تتنبهون فترجعون إليه، وإن أصررتم فمصيركم إليه يوم القيامة وهناك "سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذابٌ يُخْزِيهِ وَمَنْ هُوَ كاذِبٌ" أنا أم أنتم "وَارْتَقِبُوا" نزول العذاب بكم فقد قرب أوانه "إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ ٩٤" لنزوله منتظر عاقبة أمركم وما يحل بكم من الذلة والإهانة مترقب نتيجة وعيدي لكم ونصرتي عليكم، قال تعالى "وَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا" المحتوم المقدر لنزول العذاب فيهم وانتهى أمد إمهالهم للإيمان "نَجَّيْنا شُعَيْباً وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا" وفضل، لأن عادتنا إنجاء المؤمنين ونصرتهم "وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ" من أحد ملائكة اللّه العظام جبريل أو غيره كإسرافيل وميكائيل لأن هؤلاء هم الموكلون بتنفيذ مهام الأمور وعظائمها بأمر اللّه تعالى "فَأَصْبَحُوا فِي دِيارِهِمْ جاثِمِينَ ٩٥" على ركبهم من هول سماعها، فماتوا جميعا حالة كونهم لا طين في الأرض ملازمين لها في أمكنتهم التي كانوا عليها حين الصيحة، لأنها أماتتهم حالّا بحيث لم يتحرك أحد من مكانه لهول الصيحة "كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيها" في قرية مدين ولم يسكنوها ولم يعمروها وصاروا نسيا منسيا.


الصفحة التالية
Icon