من حيث اللفظ هذا على أن منع التكلم مطلقا، أما إذا كان منع التكلم مما يتعلق بالشفاعة فلا معارضة لا من حيث الظاهر ولا من جهة الحقيقة، لأن الشفاعة لا تكون لأحد إلا بإذن اللّه ومن تكلم بإذنه كان مأمورا بالتكلم ولا يقال لمئله أنه تكلم من تلقاء نفسه "فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ" بسوء عمله "وَسَعِيدٌ ١٠٦" بحسنه أي ينقسمون إلى قسمين
لا ثالث لهما وقدمنا في الآية ٤١ فما بعدها من سورة الأعراف فيما يتعلق بها فراجعه ثم بين ما لكل منها فقال "فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا" بحكم اللّه الأزلي لما هم عليه من الكفر "فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ" مد النفس وإخراجه من الصدر وترديده فيه حتى تنتفخ منه الضلوع "وَشَهِيقٌ ١٠٧" رد النفس وإرجاعه إلى الصدر وهما معروفان عند العرب قال الشماخ في حمار وحشي :
بعيد مدى التطريب أول صوته زفير ويتلوه شهيق محشرج
"خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ" في الآخرة لأنهما في الدنيا زائلتان قال تعالى (يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّماواتُ) الآية ٤٩ من سورة إبراهيم الآتية، وكل ما علاك فأظلت فهو سماء وكل ما استقرت عليه قدماك فهو أرض، وهذا كلام يؤذن بالتأبيد وبعلم بدوام الشر.


الصفحة التالية
Icon