جريا على عادة العرب، فإنهم يقولون لا آتيك ما دامت السموات والأرض، وما دام الملوان، وتعاقب النيران، وتخالف الجديدان، يكنون بذلك التأبيد، وهذا الخلود المحتم في النار للكافرين ينفي صرف الدوام للسموات والأرض الموجودة الآن "إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ" لبعض عصاة المؤمنين الذين يدخلهم النار جزاء اقترافهم عظائم الذنوب ثم يخرجهم منها إن شاء فيكون الاستثناء منقطعا، لأنه من غير جنس المستثنى منه، لأن الذين أخرجوا من النار بعد تعذيبهم فيها موقتا سعداء في الحقيقة، وقد استثناهم اللّه تعالى من الأشقياء، يدل على هذا ما أخرجه البخاري ومسلم عن جابر قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إن اللّه سبحانه وتعالى يخرج قوما من النار بالشفاعة فيدخلهم الجنة.
وفي رواية يخرج ناسا من النار فيدخلهم الجنة.
وروى البخاري عن عمران بن حصين أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال يخرج قوم من النار بالشفاعة فيدخلون الجنة يسمون الجهنميين "إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ ١٠٨" لا معارض له ولا راد لإرادته "وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ" لهم فيها بهجة وسرور، وقرىء سقوا بالبناء للفاعل، وسعدوا للمفعول، وقرىء بالمفعول والفاعل "خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ" وهم قوم من العارفين المخلصين وينقلهم ربهم إلى مأوى أكبر وأجل منها وهو المقام الذي يرون به ربهم


الصفحة التالية
Icon