عز وجل، فيحل رضوانه عليهم ويتجلى لهم فيه، وعليه يكون الاستثناء متصلا، لأنهم من السعداء ولو تفاوتت درجاتهم، ويكون الاستثناء منقطعا إذ أرجع إلى مدة لبث المستثنين من النار قبل دخولهم الجنة، فلا يكون خلودهم فيها كامل، بالنسبة لأمثالهم، لأنهم لم يدخلوها ابتداء "عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ ١٠٩" غير مقطوع بل هو مستمر أبدا دائم سرمدا هذا ما شاءه اللّه لأهل الجنة أللهم اجعلنا من أهلها ولم يخبرنا بما شاءه لاهل النار، روى ابن مسعود عن أبي هريرة وعمرو بن العاص قال : ليأتين على جهنم زمان ليس فيها أحد، فإذا صح هذا يحمل على إخلاء أماكن المؤمنين الذين استحقوا النار من النار بعد إخراجهم منها، أو على إخراج الكفار من النار إلى الزمهرير، إذ ثبت بالدليل الصحيح القاطع وإجماع أهل السنة والجماعة خلود المؤمنين بالجنة والكافرين بالنار وإخراج جميع الموحّدين من النار وإدخالهم الجنة.
وقال بعضهم إن العصاة لا يخرجون، ويرد قولهم ما نقلناه في الأحاديث الصحيحة، ولا حجة لهم إلا الطعن بصحتها ولن يتيسر لهم فعلا.
هذا، وقد أخرج ابن المنذر عن الحسن قال : قال عمر رضي اللّه عنه لو لبث أهل النار في النار كقدر رمل عالج لكان لهم يوم يخرجون فيه وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ عن إبراهيم قال : ما في القرآن آية أرجى لأهل النار من هذه الآية يريد الاستثناء الوارد فيها.
وليعلم أن السعادة هي معاونة الأمور الإلهية للإنسان ومساعدته على فعل الخير والصلاح وتيسيره لها، وهذه السعادة الدنيوية تؤول إلى السعادة الأخروية التي نهايتها الجنة، والشقاوة علي خذلان العبد وانهماكه فيما حرم اللّه عليه وتماديه في موارد البغي والطغيان، وهذه الشقاوة الدنيوية توصله إلى الشقاوة الأخروية التي غايتها النار وفاقا لما هو في علم اللّه الأزلي.