و أمثاله كثير، هذا وقد جاءت الأفعال في الآية بالماضي مع أنها في الواقع مستقبلة إشارة إلى تحقيق وقوعها كما ذكرنا في مثلها غير مرة، قال تعالى "فَلا تَكُ" يا سيد الرسل "فِي مِرْيَةٍ مِمَّا يَعْبُدُ هؤُلاءِ" الكفرة من الأصنام "ما يَعْبُدُونَ إِلَّا كَما يَعْبُدُ آباؤُهُمْ" من الأوثان قبلهم وهو مستندهم في عبادتها لا غير لأن غاية ما يحتجون به هو أنهم رأوا آباءهم تعبدها فعبدوها فلا تنعب نفسك فيهم أو تشك في أمرهم "وَإِنَّا لَمُوَفُّوهُمْ نَصِيبَهُمْ" من العذاب تاما كاملا كما أوفيناه لأسلافهم "غَيْرَ مَنْقُوصٍ ١١٠" إذا أصروا على ما هم عليه على أنا سنوفيهم رزقهم الدنيوي كاملا أيضا ليستوفوا تمام أجلهم فيها وفي هذه الآية إشارة إلى مزيد فضل اللّه على عصاته إذ لم يقطع شيئا من رزقهم مع ما هم عليه من الكفر على أن معنى النصيب يدل على أن المقصود به رزق الدنيا لأنه مما يطلب ويراد والعذاب بمعزل عن ذلك ويؤكد هذا قوله تعالى (وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيا) الآية ٧٦ من القصص المارة في ج ١، وقال بعض المفسرين : المراد بنصيبهم عذابهم في الدنيا و الآخرة، قال تعالى "وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ" إذ صدق به بعض قومه وكذبه آخرون كما فعل قومك معك فلا تضجر من تكذيبهم فلك أسوة بمن قبلك "وَلَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ" بتأخير العذاب عن منكري حقك لأجل معلوم عندنا محدود لا يبدل ولا يغير "لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ" حال تكذيبهم وكذلك الأمم السابقة فقد أمهلوا لانقضاء آجالهم المعينة عندنا "وَإِنَّهُمْ" لا يزالون "لَفِي شَكٍّ مِنْهُ" بأنه أي القرآن بدليل سبق كتاب موسى عليه السلام بأنه من عند اللّه منزل عليك أو أنهم في شك "مُرِيبٍ ١١١" من نزول العذاب بهم وقد أوقعهم هذا الشك في الرية بنزوله وتوهموا عدم صحته


الصفحة التالية
Icon