لأن الوقوف بعرفات معظم الحج، وبغيره لا يسقط الفرض، بل هذا من قبيل الناس تميم، والمال الإبل، والطعام اللحم، إلى غير ذلك، فإذا تحلّى العاقل بالصفات المارة في معنى الاستقامة دخل في قوله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ) الآية ٣٠ من فصلت الآتية، فمثل هؤلاء يموتون ميتة سعيدة هنيئة، ويخاطبون ربهم دلالا، فيقولون له يا ربنا ما حال أولادنا بعدنا ؟ فيقال لهم "نَحْنُ أَوْلِياؤُكُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا"
عليهم نتولاهم بذاتنا بعدكم "وَفِي الْآخِرَةِ"
نتولاكم وإياهم في جنتنا" (وَلَكُمْ فِيها ما تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ)
من جميع الملاذ (وَلَكُمْ فِيها ما تَدَّعُونَ)
من كل ما تريدونه وتقر أعينكم به، قال تعالى "وَما لَكُمْ" إذا لم تستقيموا على الطاعة والعمل الصالح وتجتنبوا الطغيان والركون إلى الظلمة "مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِياءَ" يمنعونكم من عذابه إذا حل بكم في الدنيا والآخرة "ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ ١١٤" أبدا ولا تظفرون بمطلوبكم ولا تفوزون بنجاح مهماتكم، ولا شك أن هذا الخطاب مقصود به المؤمنون كما ذكر آنفا، وأنه تغليظ أو تغليب لحال المؤمنين عليه صلى اللّه عليه وسلم وإلا فهو معصوم من الطغيان ومن الركون إلى الظلمة والظلم كليته وجزئه.