وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ وَهُوَ الذي خَلَق السماوات والأرض فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ﴾
تقدّم في "الأعراف" بيانه والحمد لله.
﴿ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى المآء ﴾ بيّن أن خلق العرش والماء قبل خلق الأرض والسماء.
قال كعب : خلق الله ياقوتة خضراء فنظر إليها بالهيبة فصارت ماء يرتعد من مخافة الله تعالى ؛ فلذلك يرتعد الماء إلى الآن وإن كان ساكناً، ثم خلق الريح فجعل الماء على مَتْنها، ثم وضع العرش على الماء.
وقال سعيد بن جُبير عن ابن عباس : أنه سئل عن قوله عز وجل :﴿ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى المآء ﴾ فقال : على أي شيء كان الماء؟ قال : على مَتْن الرَّيح.
وروى البخاريّ " عن عِمْران بن حُصَين.
قال : كنت عند النبيّ ﷺ إذ جاءه قوم من بني تميم فقال :"اقبلوا البشرى يا بني تميم" قالوا : بَشَّرْتَنَا فأعطِنا ( مرتين ) فدخل ناس من أهل اليمن فقال :"اقبلوا البشرى يا أهل اليمن إذ لم يقبلها بنو تميم" قالوا : قَبِلنا، جئنا لنتفقه في الدِّين، ولنسألك عن هذا الأمر ما كان؟ قال :"كان اللَّهُ ولم يكن شيء غيره وكان عرشه على الماء ثم خلق السمواتِ والأرضَ وكتب في الذِّكْر كلّ شيء" ثم أتاني رجل فقال : يا عِمران أدرك ناقتك فقد ذهبت، فانطلقت أطلبها فإذا هي يقطَعُ دونها السَّرابُ ؛ وايمُ اللّهِ لودِدْت أنها قد ذهبتْ ولم أقم ".
قوله تعالى :﴿ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً ﴾ أي خلق ذلك لِيبتلي عباده بالاعتبار والاستدلال على كمال قدرته وعلى البعث.
وقال قَتَادة : معنى ﴿ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً ﴾ [ هود : ١١ ] ( أيكم ) أتمّ عقلاً.
وقال الحسن وسفيان الثّوريّ : أيكم أزهد في الدنيا.
وذكر أن عيسى عليه السلام مرّ برجل نائم فقال : يا نائم قم فتعبَّدْ، فقال : يا رُوح الله قد تَعبَّدتُ، فقال "وبم تَعَبَّدتَ"؟ قال : قد تركت الدنيا لأهلها ؛ قال : نَمْ فقد فقتَ العابدين.


الصفحة التالية
Icon