قال ابن عطية : كذبوا وقالوا : هذا سحر، فهذا تناقض منهم إن كان مفطوراً بقربات الله فاطر السموات والأرض فهو من جملة المقرب بهذا، وهم مع ذلك ينكرون ما هو أيسر منه بكثير وهو البعث من القبور، إذ البداءة أعسر من الإعادة، وإذ خلق السموات والأرض أكبر من خلق الناس انتهى.
وقرأ الحسن، والأعرج، وأبو جعفر، وشيبة، وفرقة من السبعة : سحر.
وقرأت فرقة : ساحر، يريدون والساحر كاذب مبطل، ولئن أخرنا حكى تعالى نوعاً آخر من أباطيلهم واستهزائهم، والعذاب هنا عذاب القيامة.
وقيل : عذاب يوم بدر.
وعن ابن عباس : قتل جبريل المستهزئين، والظاهر العذاب الموعود به، والأمّة هنا المدة من الزمان قاله : ابن عباس، وقتادة، ومجاهد، والجمهور، ومعناه : إلى حين.
ووقت معلوم ما يحبسه استفهام، قالوه وهو على سبيل التكذيب والاستهزاء.
قال الطبري : سميت المدة أمة، لأنها يقضي فيها أمة من الناس وتحدث أخرى، فهي على هذا المدة الطويلة، ثم استفتح الأخبار بأنه يوم لا يردّه شيء ولا يصرفه.
والظاهر أنّ يوم منصوب بقوله : مصروفاً، فهو معمول لخبر ليس.
وقد استدل به على جواز تقديم خبر ليس عليها قالوا : لأن تقدم المعمول يؤذن بتقدم العامل، ونسب هذا المذهب لسيبويه، وعليه أكثر البصريين.
وذهب الكوفيون والمبرد : إلى أنه لا يجوز ذلك، وقالوا : لا يدل جواز تقدم المعمول على جواز تقدم العامل.
وأيضاً فإنّ الظرف المجرور يتسع فيهما ما لا يتسع في غيرهما، ويقعان حيث لا يقع العامل فيهما نحو : إن اليوم زيداً مسافر، وقد تتبعت جملة من دواوين العرب فلم أظفر بتقدم خبر ليس عليها، ولا بمعموله، إلا ما دل عليه ظاهر هذه الآية، وقول الشاعر :
فيأبى فما يزداد إلا لجاجه...
وكنت أبياً في الخفا لست أقدم
وتقدم تفسير جملة وحاق بهم. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٥ صـ ﴾