﴿ أَلاَ يَوْمَ يَأْتِيهِمْ ﴾ ذلك العذاب الأخروي أو الدنيوي ﴿ لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ ﴾ أي أنه لا يرفعه رافع أبداً، أو لا يدفعه عنهم دافع بل هو واقع بهم، والظاهر أن ﴿ يَوْمٍ ﴾ منصوب بمصروفا الواقع خبر ليس، واستدل بذلك جمهور البصريين على جواز تقديم خبرها عليها كما يجوز تقديمه على اسمها بلا خلاف معتدّ به لأن تقديم المعمول يؤذن بتقديم العامل بطريق الأولى وءلا لزم مزية الفرع على أصله، وذهب الكوفيون.
والمبرد إلى عدم الجواز وادعوا أن الآية لا تصلح حجة لأن القاعدة المشار إليها غير مطردة ألا ترى قوله سبحانه :﴿ فَأَمَّا اليتيم فَلاَ تَقْهَرْ ﴾ [ الضحى : ٩ ] كيف تقدم معمول الفعل مع امتناع تقديمه لأن الفعل لا يلي أما، وجاء عن الحجازيين أنهم يقولون ما اليوم زيد ذاهباً مع أنه لا يجوز تقديم خبر ما اتفاقاً، وأيضاً المعمول فيها ظرف والأمر فيه مبني على التسامح مع أنه قيل : إنه متعلق بفعل محذوف دل عليه ما بعده، والتقدير ألا يصرف عنهم العذاب أو يلازمهم يوم يأتيهم، ومنهم من جعله متعلقاً بيخافون محذوفاً أي ألا يخافون يوم الخ، وقيل : هو مبتدأ لا متعلق بمصروفاً ولا بمحذوف، وبني على الفتح لإضافته للجملة، ونظير ذلك قوله سبحانه :
﴿ هذا يَوْمُ يَنفَعُ الصادقين ﴾ [ المائدة : ١١٩ ] على قراءة الفتح، وأنت تعلم أن في بناء الظرف المضاف لجملة صدرها مضارع معرف خلافاً بين النحاة، وأن الظاهر تعلقه بمصروفا نعم عدم صلاحية الآية للاحتجاج مما لا ريب فيه، وفي البحر قد تتبعت جملة من دواوين العرب فلم أظفر بتقديم خبر ليس عليها ولا بتقديم معموله إلا ما دل عليه ظاهر هذه الآية الكريمة، وقول الشاعر
: فيأبى فما يزداد إلى لجاجة...
وكنت أبياً في الخنى لست أقدم
وَحَاقَ بِهِم } أي نزل وأحاط، وأصله حق فهو كزل وزال.
وذم وذام والمراد يحيق بهم.