وقال صاحب الميزان :
قوله تعالى :( فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك وضائق به صدرك ) إلى آخر الآية، لما كانت رساله النبي صلى الله عليه وآله وسلم بما أيدت به من القرآن الكريم والآيات البينات والحجج والبراهين مما لا يسع لذى عقل إنكارها ولا لانسان صحيح المشاعر ردها والكفر بها كان ما حكى من كفر الكافرين وإنكار المشركين أمرا مستبعدا بحسب الطبع، وإذا كان وقوع أمر على صفة من الصفات مستبعدا أخد الإنسان في تقرير ذلك الأمر من غير مجرى الاستبعاد طلبا للمخرج من نسبة الوقوع إلى ما يستبعده الطبع.
ولما كان المقام في الآية الكريمة هذا المقام وكان ما حكاه الله سبحانه من كفر المنكرين وإنكار المشركين لما جاء به النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إليهم من الحق الصريح وما أنزل إليه من كلام الله تعالى مع ما يتلوه من البينات والحجج مما لا ينبغى أن يذعن به لبعده طبعا بين تعالى لذلك وجها بعد وجه على سبيل الترجي فقال :( ولعلك تارك بعض ما يوحى اليك ) الخ،
( أم يقولون افتراه ) الخ.
فكأنه قيل : من المستبعد أن تهديهم إلى الحق الواضح ويسمعوا منك كلامي ثم لا يستجيبوا دعوتك ويكفروا بالحق بعد وضوحه فلعلك تارك بعض ما يوحى اليك وغير داعيهم إليه ولذلك جبهوك بالانكار أم يقولون إن القرآن ليس من كلام الله بل هو افتراء افتريته على الله ولذلك لم يؤمنوا به.
فإن كنت تركت بعض الوحى خوفا من اقتراحهم عليك الآيات فإنما أنت نذير وليس لك إلا ما شاء الله، وان يقولوا افتراه فقل لهم يأتوا بعشر سور مثله مفتريات ( الخ ).


الصفحة التالية
Icon