وقال ابن الجوزى فى الآيات السابقة :
قوله تعالى :﴿ ولئن أذقنا الإِنسان منا رحمة ﴾
اختلفوا فيمن نزلت على ثلاثة أقوال.
أحدها : أنها نزلت في الوليد بن المغيرة، قاله ابن عباس.
والثاني : في عبد الله بن أبي أمية المخزومي، ذكره الواحدي.
والثالث : أن الإِنسان هاهنا اسم جنس، والمعنى : ولئن أذقنا الناس، قاله الزجاج.
والمراد بالرحمة : النعمة، من العافية، والمال، والولد.
واليؤوس : القنوط، قال أبو عبيدة : هو فعول من يئستُ.
قال مقاتل : إِنه ليؤوس عند الشدة من الخير، كفور لله في نعمه في الرخاء.
قوله تعالى :﴿ ولئن أذقناه نَعماء ﴾
قال ابن عباس : صحة وسَعة في الرزق.
﴿ بعد ضراء مَسَّتْهُ ﴾ بعد مرض وفقر.
﴿ ليقولَنَّ ذهب السيئات عني ﴾ يريد الضر والفقر.
﴿ إِنه لَفَرِحٌ ﴾ أي : بَطِرٌ.
﴿ فخور ﴾ قال ابن عباس : يفاخر أوليائي بما أوسعت عليه.
فإن قيل : ماوجه عيب الإِنسان في قوله :﴿ ذهب السيئات عني ﴾، وما وجه ذمه على الفرح، وقد وصف الله الشهداء فقال :﴿ فرحين ﴾ ؟
فقد أجاب عنه ابن الأنباري، فقال : إِنما عابه بقوله :﴿ ذهب السيئات عني ﴾ لأنه لم يعترف بنعمة الله، ولم يحمَده على ما صُرف عنه.
وإِنما ذمه بهذا الفرح، لأنه يرجع إِلى معنى المرح والتكبُّر عن طاعة الله، قال الشاعر :
ولا يُنْسينيَ الحَدَثَانُ عِرْضِي...
ولا أُلقِي من الفَرَحِ الإِزارا
يعني من المرح.
وفرح الشهداءِ فرحٌ لا كِبْر فيه ولا خُيلاء، بل هو مقرون بالشكر فهو مستحسن.
قوله تعالى :﴿ إلا الذين صبروا ﴾
قال الفراء : هذا الاستثناء من الانسان، لأنه في معنى الناس، كقوله :﴿ إِن الإِنسان لفي خسر إِلا الذين آمنوا ﴾ [ العصر : ٢، ٣ ].
وقال الزجاج : هذا استثناء ليس من الأول، والمعنى : لكنِ الذين صبروا.
قال ابن عباس : الوصف الأول للكافر، والذين صبروا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم. أ هـ ﴿زاد المسير حـ ٤ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon