وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ وَلَئِنْ أَذَقْنَا الإنسان مِنَّا رَحْمَةً ﴾
الإنسان اسم شائع للجنس في جميع الكفار.
ويقال : إن الإنسان هنا الوليد بن المغيرة وفيه نزلت.
وقيل : في عبد الله بن أبي أميّة المخزوميّ.
"رَحْمَةً" أي نعمة.
﴿ ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ ﴾ أي سلبناه إياها.
﴿ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ ﴾ أي يائس من الرحمة.
﴿ كَفُورٌ ﴾ للنعم جاحد لها ؛ قاله ابن الأعرابي.
النحاس :﴿ لَيَؤُوسٌ ﴾ من يَئِس، يَيْأَس، وحكى سيبويه يَئس يَيْأَس على فَعِل يفعِل، ونظيره حَسِب يَحْسِب ونَعِم يَنْعِم، ويَأَس ييئس ؛ وبعضهم يقول : يَئس يَيئِسُ ؛ ولا يعرف في الكلام ( العربي ) إلا هذه الأربعة الأحرف من السالم جاءت على فَعِل يفعِل ؛ وفي واحد منها اختلاف.
وهو يَئِسٌ و "يَؤُوسٌ" على التكثير كفخور للمبالغة.
قوله تعالى :﴿ وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَآءَ ﴾ أي صحة ورخاء وسعة في الرزق.
﴿ بَعْدَ ضَرَّآءَ مَسَّتْهُ ﴾ أي بعد ضُرٍّ وفقر وشدّة.
﴿ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السيئات عني ﴾ أي الخطايا التي تسوء صاحبها من الضُّرّ والفقر.
﴿ إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ ﴾ أي يفرح ويفخر بما ناله من السَّعَة وينسى شكر الله عليه ؛ يقال : رجل فاخر إذا افتخر وفخور للمبالغة قال يعقوب القارىء : وقرأ بعض أهل المدينة "لَفَرُحٌ" بضم الراء كما يقال : رجل فَطُنٌ وحَذُرٌ ونَدُسٌ.
ويجوز في كلتا اللغتين الإِسكان لثقل الضمة والكسرة.
قوله تعالى :﴿ إِلاَّ الذين صَبَرُواْ ﴾ يعني المؤمنين، مدحهم بالصبر على الشدائد.
وهو في موضع نصب.
قال الأخفش : هو استثناء ليس من الأوّل ؛ أي لكن الذين صبروا وعملوا الصالحات في حالتي النعمة والمحنة.
وقال الفرّاء : هو استثناء من ﴿ وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ ﴾ أي من الإنسان، فإن الإنسان بمعنى الناس، والناس يشمل الكافر والمؤمن ؛ فهو استثناء متصل وهو حسن.
﴿ أولئك لَهُمْ مَّغْفِرَةٌ ﴾ ابتداء وخبر.
﴿ وَأَجْرٌ ﴾ معطوف.
﴿ كَبِيرٌ ﴾ صفة. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٩ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon