والجواب فيه من وجوه : الأول : أنه تعالى لما أمر محمداً ﷺ حتى يطلب من الكفار أن يستعينوا بالأصنام في تحقيق المعارضة ثم ظهر عجزهم عنها فحينئذ ظهر أنها لا تنفع ولا تضر في شيء من المطالب ألبتة، ومتى كان كذلك، فقد بطل القول بإثبات كونهم آلهة، فصار عجز القوم المعارضة بعد الاستعانة بالأصنام مبطلاً لإلهية الأصنام ودليلاً على ثبوت نبوة محمد ﷺ، فكان قوله :﴿وَأَن لاَّ إله إِلاَّ هُوَ﴾ إشارة إلى ما ظهر من فساد القول بإلهية الأصنام : الثاني : أنه ثبت في علم الأصول أن القول بنفي الشريك عن الله من المسائل التي يمكن إثباتها بقول الرسول عليه السلام، وعلى هذا فكأنه قيل : لما ثبت عجز الخصوم عن المعارضة ثبت كون القرآن حقاً، وثبت كون محمد ﷺ صادقاً في دعوى الرسالة، ثم إنه كان يخبر عن أنه لا إله إلا الله فلما ثبت كونه محقاً في دعوى النبوة ثبت قوله :﴿أَن لاَّ إله إِلاَّ هُوَ﴾ الثالث : أن ذكر قوله ﴿وَأَن لاَّ إله إِلاَّ هُوَ﴾ جار مجرى التهديد، كأنه قيل : لما ثبت بهذا الدليل كون محمد عليه السلام صادقاً في دعوى الرسالة وعلمتم أنه لا إله إلا الله، فكونوا خائفين من قهره وعذابه واتركوا الإصرار على الكفر واقبلوا الإسلام ونظيره قوله تعالى في سورة البقرة عند ذكر آية التحدي :﴿فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ وَلَن تَفْعَلُواْ فاتقوا النار التى وَقُودُهَا الناس والحجارة أُعِدَّتْ للكافرين﴾ [ البقرة : ٢٤ ].
وأما قوله :﴿فَهَلْ أَنتُمْ مُّسْلِمُونَ ﴾.
فإن قلنا : إنه خطاب مع المؤمنين كان معناه الترغيب في زيادة الإخلاص.
وإن قلنا : إنه خطاب مع الكفار كان معناه الترغيب في أصل الإسلام. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٧ صـ ١٥٥ ـ ١٥٨﴾