وأما قوله :﴿وَضَائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ﴾ فالضائق بمعنى الضيق، قال الواحدي : الفرق بينهما أن الضائق يكون بضيق عارض غير لازم، لأن رسول الله ﷺ كان أفسح الناس صدراً، ومثله قولك : زيد سيد جواد تريد السيادة والجود الثابتين المستقرين، فإذا أردت الحدوث قلت : سائد وجائد، والمعنى : ضائق صدرك لأجل أن يقولوا :﴿لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ ﴾.
فإن قيل : الكنز كيف ينزل ؟
قلنا : المراد ما يكنز وجرت العادة على أنه يسمي المال الكثير بهذا الاسم، فكأن القوم قالوا : إن كنت صادقاً في أنك رسول الإله الذي تصفه بالقدرة على كل شيء وإنك عزيز عنده فهلا أنزل عليك ما تستغني به وتغني أحبابك من الكد والعناء وتستعين به على مهماتك وتعين أنصارك وإن كنت صادقاً فهلا أنزل الله معك ملكاً يشهد لك على صدق قولك ويعينك على تحصيل مقصودك فتزول الشبهة في أمرك، فلما لم يفعل إلهك ذلك فأنت غير صادق، فبين تعالى أنه رسول منذر بالعقاب ومبشر بالثواب ولا قدرة له على إيجاد هذه الأشياء.
والذي أرسله هو القادر على ذلك فإن شاء فعل وإن شاء لم يفعل ولا اعتراض لأحد عليه في فعله وفي حكمه.
ومعنى ﴿وَكِيلٌ﴾ حفيظ أي يحفظ عليهم أعمالهم، أي يجازيهم بها ونظير هذه الآية، قوله تعالى :﴿تَبَارَكَ الذى إِن شَاء جَعَلَ لَكَ خَيْراً مّن ذلك جنات تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الانهار وَيَجْعَل لَّكَ قُصُوراً﴾ [ الفرقان : ١٠ ] وقوله :﴿قَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ﴾ [ الإسراء : ٩٠ ] إلى قوله :﴿قُلْ سبحان رَبّى هَلْ كُنتُ إَلاَّ بَشَرًا رَّسُولاً﴾ [ الإسراء : ٩٣ ]. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٧ صـ ١٥٤ ـ ١٥٥﴾