وقال الخازن :
قوله :﴿ فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك ﴾
الخطاب للنبي ( ﷺ ) يقول الله لنبيه محمد ( ﷺ ) فلعلك يا محمد تارك بعض ما يوحى إليك ربك أن تبلغه إلى من أمرك أن تبلغ ذلك إليه ﴿ وضائق به صدرك ﴾ يعني ويضيق صدرك بما يوحى إليك فلا تبلغه إياهم وذلك أن كفار مكة قالوا ائت بقرآن غير هذا ليس فيه سب آلهتنا فهم النبي ( ﷺ ) أن يترك ذكر آلهتهم ظاهراً فأنزل الله فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك يعني من ذكر آلهتهم هذا ما ذكره المفسرون في معنى هذه الآية وأجمع المسلمون على أنه ( ﷺ ) فيما كان طريقه البلاغ فإنه معصوم فيه من الإخبار عن شيء منه بخلاف ما هو به لا خطأ ولا عمداً ولا سهواً ولا غلطاً وأنه ( ﷺ ) بلغ جميع ما أنزل الله عليه إلى أمته ولم يكتم منه شيئاً وأجمعوا على أنه لا يجوز على رسول الله ( ﷺ ) خيانة في الوحي والإنذار ولا يترك بعض ما أوحي إليه لقول أحد لأن تجويز ذلك يؤدي إلى الشك في أداء الشرائع والتكاليف لأن المقصود من إرسال الرسول التبليغ إلى من أرسل إليه فإذا لم يحصل ذلك فقد فاتت فائدة الرسالة والنبي ( ﷺ ) معصوم من ذلك كله وإذا ثبت هذا وجب أن يكون المراد بقوله تعالى فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك شيئاً آخر سوى ما ذكره المفسرون.
وللعلماء في ذلك أجوبة :
أحدها : قال ابن الأنباري : قد علم الله سبحانه وتعالى أن النبي ( ﷺ ) لا يترك شيئاً مما يوحى إليه إشفاقاً من موجدة أحد وغضبه ولكن الله تعالى أكد على رسول الله ( ﷺ ) في متابعة الإبلاغ من الله سبحانه وتعالى كما قال :﴿ يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك ﴾ الآية.