والطعان لأن هذه السورة مكية نازلة قبل الأمر بالقتال صح لكن في "الكشف" بعد كلام : إعلم لو أخذت التأمل لاستبان لك أن مبنى هذا السورة الكريمة على إرشاده تعالى كبرياؤه نبيه ﷺ إلى كيفية الدعوة من مفتتحها إلى مختتمها وإلى ما يعتري لمن تصدى لهذه الرتبة السنية من الشدائد واحتماله لما يترتب عليه في الدارين من العوائد لا على التسلي له عليه الصلاة والسلام فإنه لا يطابق المقام، وانظر إلى الخاتمة الجامعة أعني قوله سبحانه :﴿ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الأمر كُلُّهُ فاعبده وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ ﴾ [ هود : ١٢٣ ] تقض العجب وهو يبعد هذه الإرادة إن قلنا : إن ذلك من باب التخفيف المؤذن بالتسلي فتأمله، والضمير في قوله سبحانه :﴿ وَضَائِقٌ بِهِ ﴾ لما يوحي أن للبعض وهو الظاهر عند أبي حيان، وقيل : للتبليغ أو للتكذيب، وقيل : هو مبهم يفسره أن يقولوا، والواو للعطف ﴿ وَضَائِقٌ ﴾ قيل : عطف على ﴿ تَارِكٌ ﴾ وقوله تعالى :﴿ صَدْرَكَ ﴾ فاعله، وجوز أن يكون الوصف خبراً مقدماً و﴿ صَدْرَكَ ﴾ مبتدأ والجملة معطوفة على ﴿ تَارِكٌ ﴾، وقيل : يتعين أن تكون الواو للحال، والجملة بعدها حالية لأن هذا واقع لا متوقع فلا يصح العطف، ونظر فيه بأن ضيق صدره عليه الصلاة والسلام بذلك إن حمل على ظاهره ليس بواقع، وإنما يضيق صدره الشريف لما يعرض له في تبليغه من الشدائد، وعدل عن ضيق الصفة المشبهة إلى ضائق اسم الفاعل ليدل على أن الضيق مما يعرض له ﷺ أحياناً، وكذا كل صفة مشبهة إذا قصد بها الحدوث تحول إلى فاعل فتقول في سيد.
وجواد.
وسمين مثلاً : سائد.
وجائد.
وسامن، وعلى ذلك قول بعض اللصوص يصف السجن ومن سجن فيه
: بمنزلة أما اللئيم ( فسامن )...
بها وكرام الناس باد شحوبها


الصفحة التالية
Icon