وقال قتادة ومقاتل :﴿الأشهاد﴾ الناس كما يقال على رؤوس الأشهاد، يعني على رؤوس الناس.
وقال الآخرون : هم الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.
قال الله تعالى :﴿فَلَنَسْئَلَنَّ الذين أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْئَلَنَّ المرسلين﴾ [ الأعراف : ٦ ] والفائدة في اعتبار قول الأشهاد المبالغة في إظهار الفضيحة.
السؤال الثالث : الأشهاد جمع فما واحده ؟
والجواب : يجوز أن يكون جمع شاهد مثل صاحب وأصحاب، وناصر وأنصار، ويجوز أن يكون جمع شهيد مثل شريف وأشراف.
قال أبو علي الفارسي : وهذا كأنه أرجح، لأن ما جاء من ذلك في التنزيل جاء على فعيل، كقوله :﴿وَيَكُونَ الرسول عَلَيْكُمْ شَهِيدًا﴾ [ البقرة : ١٤٣ ] ﴿وجِئْنَا بِك على هَؤُلاء شَهِيداً﴾ [ النساء : ٤١ ] ثم لما أخبر عن حالهم في عذاب القيامة أخبر عن حالهم في الحال فقال :﴿أَلاَ لَعْنَةُ الله عَلَى الظالمين﴾ وبين أنهم في الحال لملعونون من عند الله، ثم ذكر من صفاتهم أنهم يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجاً يعني أنهم كما ظلموا أنفسهم بالتزام الكفر والضلال، فقد أضافوا إليه المنع من الدين الحق وإلقاء الشبهات، وتعويج الدلائل المستقيمة، لأنه لا يقال في العاصي يبغي عوجاً، وإنما يقال ذلك فيمن يعرف كيفية الاستقامة، وكيفية العوج بسبب إلقاء الشبهات وتقرير الضلالات.
ثم قال :﴿وَهُمْ بالآخرة هُمْ كافرون﴾ قال الزجاج : كلمة "هم" كررت على جهة التوكيد لثباتهم في الكفر.
﴿ أُولَئِكَ لَمْ يَكُونُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ ﴾
اعلم أن الله تعالى وصف هؤلاء المنكرين الجاحدين بصفات كثيرة في معرض الذم.
الصفة الأولى : كونهم مفترين على الله، وهي قوله :﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افترى عَلَى الله كَذِباً﴾ [ هود : ١٨ ].
والصفة الثانية : أنهم يعرضون على الله في موقف الذل والهوان والخزي والنكال وهي قوله :﴿أُوْلَئِكَ يُعْرَضُونَ على رَبّهِمْ﴾ [ هود : ١٨ ].