وقال ابن الجوزى :
قوله تعالى :﴿ أولئك يُعْرَضُونَ على ربهم ﴾
قال الزجاج : ذكر عرضهم توكيداً لحالهم في الانتقام منهم، وإِن كان غيرهم يعرض أيضاً.
فأما "الأشهاد" ففيهم خمسة أقوال :
أحدها : أنهم الرسل، قاله أبو صالح عن ابن عباس.
والثاني : الملائكة، قاله مجاهد، وقتادة.
والثالث : الخلائق، روي عن قتادة أيضاً.
وقال مقاتل :"الأشهاد" الناس، كما يقال : على رؤوس الأشهاد، أي : على رؤوس الناس.
والرابع : الملائكة والنبيون وأُمة محمد ﷺ يشهدون على الناس، والجوارح تشهد على ابن آدم، قاله ابن زيد.
والخامس : الأنبياء والمؤمنون، قاله الزجاج.
قال ابن الأنباري : وفائدة إِخبار الأشهاد بما يعلمه الله : تعظيم بالأمر المشهود عليه، ودفع المجاحدة فيه.
قوله تعالى :﴿ الذين يصدون عن سبيل الله ﴾
قد تقدم تفسيرها في [ الأعراف : ٤٥ ].
قوله تعالى :﴿ وهم بالآخرة هم كافرون ﴾ قال الزجاج : ذُكرت "هم" ثانية على جهة التوكيد لشأنهم في الكفر.
قوله تعالى :﴿ أولئك لم يكونوا معجزين في الأرض ﴾ قال ابن عباس : لم يُعجزوني أن آمر الأرض فتُخسف بهم.
﴿ وما كان لهم من دون الله من أولياء ﴾ أي : لا وليِّ لهم ممن يعبدون يمنعهم مني.
وقال ابن الأنباري : لما كانت عادة العرب جارية بقولهم : لا وزَرَ لك مني ولا نَفَق، يعنون بالوزر : الجبل، والنفق : السرَبَ، وكلاهما يلجأ إِليه الخائف، أعلم الله تعالى أن هؤلاء الكافرين لا يسبقونه هرباً، ولا يجدون ما يحجز بينهم وبين عذابه من جميع ما يستر من الأرض ويُلجأ إِليه.
قال : وقوله :"من أولياءَ" يقتضي محذوفاً، تلخيصه : من أولياءَ يمنعونهم من عذاب الله، فحذف هذا لشهرته.
قوله تعالى :﴿ يضاعَف لهم العذاب ﴾ يعني الرؤساء الصادِّين عن سبيل الله، وذلك لإِضلالهم أتباعهم واقتداءِ غيرهم بهم.


الصفحة التالية
Icon