وقال ابن الجوزى :
قوله تعالى :﴿ وأخبتوا إِلى ربهم ﴾
فيه سبعة أقوال :
أحدها : خافوا ربهم، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس.
والثاني : أنابوا إلى ربهم، رواه العوفي عن ابن عباس.
والثالث : ثابوا إِلى ربهم، قاله قتادة.
والرابع : اطمأنوا، قاله مجاهد.
والخامس : أخلصوا، قاله مقاتل.
والسادس : تخشَّعوا لربهم، قاله الفراء.
والسابع : تواضعوا لربهم، قاله ابن قتيبة.
فإن قيل : لم أوثرت "إِلى" على اللام في قوله "وأخبتوا إِلى ربهم"، والعادة جارية بأن يقال : أخبتوا لربهم؟
فالجواب : أن المعنى : وَجَّهوا خوفَهم وخشوعهم وإِخلاصهم إِلى ربهم، واطمأنوا إِلى ربهم.
قال الفراء : وربما جعلت العرب "إِلى" في موضع اللام، كقوله :﴿ بأن ربك أوحى لها ﴾ [ الزلزال : ٥ ]، وقوله :﴿ الذي هدانا لهذا ﴾ [ الأعراف : ٤٣ ].
وقد يجوز في العربية : فلان يخبت إِلى الله، يريد : يفعل ذلك موجهَه إِلى الله.
قال بعض المفسرين : هذه الآية نازلة في أصحاب رسول الله ﷺ، وما قبلها نازل في المشركين.
ثم ضرب للفريقين مثلاً، فقال :﴿ مثل الفريقين كالأعمى والأصم ﴾ قال مجاهد : الفريقان : المؤمن والكافر.
فأما الأعمى والأصم فهو الكافر، وأما البصير والسميع فهو المؤمن.
قال قتادة : الكافر عَمِيَ عن الحق وصُمَّ عنه، والمؤمن أبصرَ الحق وسمعَه ثم انتفع به.
وقال أبو عبيدة : في الكلام ضمير، تقديره : مثل الفريقين كمثل الأعمى.
وقال الزجاج : مثل الفريقين المسلِمَين كالبصير والسميع، ومثل فريق الكافرين كالأعمى والأصم، لأنهم في عداوتهم وتركهم للفهم بمنزلة من لايسمع ولا يبصر.
قوله تعالى :﴿ هل يستويان مثلاً ﴾ أي : هل يستويان في المشابهة؟
والمعنى : كما لا يستويان عندكم، كذلك لا يستوي المؤمن والكافر عند الله.
وقال أبو عبيدة :"هل" هاهنا بمعنى الإِيجاب، لا بمعنى الاستفهام، والمعنى : لا يستويان.


الصفحة التالية
Icon