ولما كانت العظمة عندهم منحصرة في عظمة الأتباع قالوا :﴿وما نراك﴾ ولما انفوا الرؤية عنه فتشوف السامع إلى ما يقع عليه من المعاني، بينوا أن مرادهم رؤية من اتبعه فقالوا :﴿اتبعك﴾ أي تكلف اتباعك ﴿إلا الذين هم﴾ أي خاصة ﴿أراذلنا﴾ أي كالحائك ونحوه، وليس منا رذل غيرهم، وهو جمع أرذل كأكلب جمع رذل ككلب، والرذل : الخسيس الدنيء، وهذا ينتج أنه لم يتبعك أحد له قدر ؛ قالوا : و ﴿اتبعك﴾ عامل في قوله :﴿بادي الرأي﴾ وهو ظرف أي اتبعوك بديهة من غير تأمل، فاتباعهم لا يدل على سداد لما اتبعوه من وجهين : رذالتهم في أنفسهم، وأنهم لم يفكروا فيه، لكن يضعفه إيراد الاتباع بصيغة الافتعال التي تدل على علاج ومجاذبة، فالأحسن إسناده - كما قالوه أيضاً - إلى أراذل.
أي أنهم بحيث لا يتوقف ناظرهم عند أول وقوع بصره عليهم أنهم سفلة أسقاط، ويجوز أن يكون المراد " بادي رأيك " أي أنك تظن أنهم اتبعوك، ولم يتبعوك.