ولما كان نفي ذلك عاماً للفضل الدنيوي، وكان الاتصاف بقلة ما في اليد إنما يكون ضاراً إذا كان صاحبه يسأل غيره، نفى عنه هذا اللازم العائب فقال مجيباً عن نفيهم الفضل عنه وعن أتباعه بأنه قد يرد منهم على ذلك ثواباً دنيوياً :﴿ويا قوم﴾ استعطافاً لهم ﴿لا أسئلكم﴾ أي في وقت من الأوقات ﴿عليه﴾ أي الإنذار كما يأخذ منكم من ينذركم أمر من يريد منكم من ينذركم أمر من يريد بكم بعض ما تكرهون في أمور دنياكم حتى تكون عاقبة ذلك أن تتهموني ﴿مالاً إن﴾ أي ما ﴿أجري إلا على الله﴾ أي الذي له الجلال والإكرام فبيده الخزائن كلها، ونبه بهذا على أنه لا غرض له من عرض دنيوي ينفر المدعو عنه فوجب تصديقه، وفيه تلقين للجواب عن قول قريش : لولا ألقي إليه كنز - كما سيأتي بأبين من ذلك عقب قصة يوسف عليه السلام في قوله :﴿وما تسئلهم عليه من أجر﴾ لأن هذه القصص كالشيء الواحد متتابعة في بيان حقية هذا القرآن والتأسية في الاقتداء بالرسل في الصبر على أداء جميع الرسالة مع ما يلزم ذلك من جليل العبر وبديع الحكم، فلما اتحد الغرض منها مع تواليها اتحدت متفرقاتها.