قَرَأَ الْجُمْهُورُ (يُضَاعَفُ) مِنَ الْمُضَاعَفَةِ، وَابْنُ كَثِيرٍ وَابْنُ عَامِرٍ وَيَعْقُوبُ (يُضَعَّفُ) بِالتَّشْدِيدِ مِنَ التَّضْعِيفِ. وَعَلَّلَ هَذِهِ الْمُضَاعَفَةَ بِقَوْلِهِ :(مَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ) أَيْ مَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ إِلْقَاءَ أَسْمَاعِهِمْ إِلَى الْقُرْآنِ إِصْغَاءً لِدَعْوَةِ الْحَقِّ وَكَلَامِ اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ - لِاسْتِحْوَاذِ الْبَاطِلِ عَلَى أَنْفُسِهِمْ، وَزُيِّنَ الْكُفْرُ وَالظُّلْمُ عَلَى قُلُوبِهِمْ بَلْ كَانُوا (يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ) (٦ : ٢٦)، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ فِيهِمْ :(وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ) (٤١ : ٢٦) (وَمَا كَانُوا يُبْصِرُونَ) مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مِنْ آيَاتِ اللهِ فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ، أَيْ إِنَّهُمْ لِشِدَّةِ انْهِمَاكِهِمْ فِي الْكُفْرِ وَلَوَازِمِهِ مِنَ الْبَاطِلِ وَاتِّبَاعِ الْهَوَى وَالشَّهَوَاتِ، صَارُوا يَكْرَهُونَ الْحَقَّ وَالْهُدَى كَرَاهَةً شَدِيدَةً، بِحَيْثُ يَثْقُلُ عَلَيْهِمْ سَمَاعُ مَا يُبَيِّنُهُ مِنَ الْآيَاتِ السَّمْعِيَّةِ، وَمَا يُثْبِتُهُ مِنَ الْآيَاتِ الْبَصَرِيَّةِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ
أَنَّهُمْ فَقَدُوا حَاسَّتَيِ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ فَصَارُوا صُمًّا وَعُمْيَانًا بِالْفِعْلِ ; بَلْ هُمْ كَمَا يَقُولُ أَمْثَالُهُمْ فِيمَا يُبْغِضُونَ : إِنَّنِي لَا أُطِيقُ رُؤْيَةَ فُلَانٍ، وَلَا أَقْدِرُ أَنْ أَسْمَعَ كَلَامَهُ، وَتَذَكَّرْ أَوْ رَاجِعْ قَوْلَهُ - تَعَالَى - لِنَبِيِّهِ فِي سُورَةِ يُونُسَ :) وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ) (١٠ : ٤٢) إِلَخْ.