قوله :﴿وَلاَ يَنفَعُكُمْ نُصْحِى إِنْ أَرَدْتُّ أَنْ أَنصَحَ لَكُمْ إِن كَانَ الله يُرِيدُ أَن يُغْوِيَكُمْ﴾ جزاء معلق على شرط بعده شرط آخر وهذا يقتضي أن يكون الشرط المؤخر في اللفظ مقدماً في الوجود وذلك لأن الرجل إذا قال لامرأته أنت طالق إن دخلت الدار، كان المفهوم كون ذلك الطلاق من لوازم ذلك الدخول، فإذا ذكر بعده شرطاً آخر مثل أن يقول : إن أكلت الخبز كان المعنى أن تعلق ذلك الجزاء بذلك الشرط الأول مشروط بحصول هذا الشرط الثاني والشرط مقدم على المشروط في الوجود فعلى هذا إن حصل الشرط الثاني تعلق ذلك الجزاء بذلك الشرط الأول إما إن لم يوجد الشرط المذكور ثانياً لم يتعلق ذلك الجزاء بذلك الشرط الأول، هذا هو التحقيق في هذا التركيب، فلهذا المعنى قال الفقهاء : إن الشرط المؤخر في اللفظ مقدم في المعنى، والمقدم في اللفظ مؤخر في المعنى.
واعلم أن نوحاً عليه السلام لما قرر هذه المعاني قال :﴿هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ وهذا نهاية الوعيد أي هو إلهكم الذي خلقكم ورباكم ويملك التصرف في ذواتكم وفي صفاتكم قبل الموت وعند الموت وبعد الموت مرجعكم إليه وهذا يفيد نهاية التحذير.
﴿ أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرَامِي وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تُجْرِمُونَ (٣٥) ﴾


الصفحة التالية
Icon