وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ وَيَصْنَعُ الفلك ﴾
أي وطفق يصنع.
قال زيد بن أسلم : مكث نوح ﷺ مائة سنة يَغرس الشّجر ويقطعها وييبسها، ومائة سنة يعملها.
وروى ابن القاسم عن ابن أشرس عن مالك قال : بلغني أن قوم نوح مَلَؤوا الأرض، حتى مَلَؤوا السّهل والجبل، فما يستطيع هؤلاء أن ينزلوا إلى هؤلاء، ولا هؤلاء أن يصعدوا إلى هؤلاء ؛ فمكث نوح يَغرس الشجر مائة عام لعمل السّفينة، ثم جمعها ييبسها مائة عام، وقومه يسخرون ؛ وذلك لما رأوه يصنع من ذلك ؛ حتى كان من قضاء الله فيهم ما كان.
وروي عن عمرو بن الحارث قال : عمل نوح سفينته ببقاع دمشق، وقطع خشبها من جبل لبنان.
وقال القاضي أبو بكر بن العربيّ : لما استنقذ الله سبحانه وتعالى مَن في الأصلاب والأرحام من المؤمنين أوحى الله إليه.
﴿ أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن فاصنع الفلك ﴾ قال : يا رب ما أنا بنجّار، قال :"بلى فإن ذلك بعيني" فأخذ القدوم فجعله بيده، وجعلت يده لا تُخطىء، فجعلوا يمرّون به ويقولون : هذا الذي يزعم أنه نبيّ صار نجّاراً ؛ فعملها في أربعين سنة.
وحكى الثّعلبيّ وأبو نصر القُشَيريّ عن ابن عباس قال : اتخذ نوح السفينة في سنتين.
زاد الثّعلبيّ : وذلك لأنه لم يعلم كيف صنعة الفلك، فأوحى الله إليه أن اصنعها كجُؤْجُؤ الطائر.
وقال كعب : بناها في ثلاثين سنة، والله أعلم.
المهدويّ : وجاء في الخبر أن الملائكة كانت تعلّمه كيف يصنعها.
واختلفوا في طولها وعرضها ؛ فعن ابن عباس رضي الله عنهما كان طولها ثلثمائة ذراع، وعرضها خمسون، وسمكها ثلاثون ذراعاً ؛ وكانت من خشب السّاج، وكذا قال الكَلْبيّ وقَتَادة وعِكْرمة كان طولها ثلثمائة ذراع، والذّراع إلى المَنْكِب.
قاله سلمان الفارسيّ.
وقال الحسن البصريّ : إن طول السّفينة ألف ذراع ومائتا ذراع، وعرضها ستمائة ذراع.
وحكاه الثّعلبيّ في كتاب العرائس.


الصفحة التالية
Icon