وروى عليّ بن زيد عن يوسف بن مِهران عن ابن عباس قال قال الحواريون لعيسى عليه السلام : لو بعثت لنا رجلاً شهد السفينة يحدّثنا عنها، فانطلق بهم حتى انتهى إلى كَثِيب من تراب فأخذ كفًّا من ذلك التراب، قال أتدرون ما هذا؟ قالوا : الله ورسوله أعلم.
قال :( هذا كعب حام بن نوح ) قال فضرب الكثيب بعصاه وقال : قم بإذن الله فإذا هو قائم ينفض التراب من رأسه، وقد شاب ؛ فقال له عيسى : أهكذا هلكت؟ قال : لا بل متُّ وأنا شابّ، ولكنني ظننت أنها الساعة فمن ثَمَّ شِبت.
قال : أخبرنا عن سفينة نوح؟ قال : كان طولها ألف ذراع ومائتي ذراع، وعرضها ستمائة ذراع، وكانت ثلاث طبقات، طبقة فيها الدوابّ والوحش، وطبقة فيها الإنس، وطبقة فيها الطّير.
وذكر باقي الخبر على ما يأتي ذكره إن شاء الله تعالى.
وقال الكَلْبيّ فيما حكاه النقاش : ودخل الماء فيها أربعة أذرع، وكان لها ثلاثة أبواب ؛ باب فيه السبّاع والطير، وباب فيه الوحش، وباب فيه الرجال والنساء.
ابن عباس جعلها ثلاث بطون ؛ البطن الأسفل للوحوش والسباع والدواب، والأوسط للطعام والشراب، وركب هو في البطن الأعلى، وحمل معه جسد آدم عليه السلام معترضاً بين الرجال والنساء، ثم دفنه بعدُ ببيت المقدس ؛ وكان إبليس معهم في الكَوْثَل.
وقيل : جاءت الحيّة والعقرب لدخول السفينة فقال نوح : لا أحملكما ؛ لأنكما سبب الضرر والبلاء، فقالتا : احملنا فنحن نضمن لك ألا نضرّ أحداً ذَكَرك ؛ فمن قرأ حين يخاف مَضَرَّتهما ﴿ سَلاَمٌ على نُوحٍ فِي العالمين ﴾ [ الصافات : ٧٩ ] لم تضرّاه ؛ ذكره القشيريّ وغيره.
وذكر الحافظ ابن عساكر في التاريخ له مرفوعاً من حديث أبي أمامة قال قال رسول الله ﷺ :" من قال حين يمسي صلى الله على نوح وعلى نوح السلام لم تلدغه عقرب تلك الليلة " قوله تعالى :﴿ وَكُلَّمَا ﴾ ظرف.
﴿ مَرَّ عَلَيْهِ مَلأٌ مِّن قَوْمِهِ سَخِرُواْ مِنْهُ ﴾.


الصفحة التالية
Icon