قال الأخفش والكِسائي يقال : سَخرتُ به ومنه.
وفي سخريتهم منه قولان : أحدهما أنهم كانوا يرونه يبني سفينته في البر، فيسخرون به ويستهزئون ويقولون : يا نوح صرت بعد النبوّة نجاراً.
الثاني لما رأوه يبني السفينة ولم يشاهدوا قبلها سفينة بنيت قالوا : يا نوح ما تصنع؟ قال : أبني بيتاً يمشي على الماء ؛ فعجبوا من قوله وسخروا منه.
قال ابن عباس : ولم يكن في الأرض قبل الطوفان نهر ولا بحر ؛ فلذلك سخروا منه ؛ ومياه البحار هي بقية الطوفان.
﴿ قَالَ إِن تَسْخَرُواْ مِنَّا ﴾ أي من فعلنا اليوم عند بناء السفينة.
﴿ فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنكُمْ ﴾ غداً عند الغرق.
والمراد بالسخرية هنا الاستجهال ؛ ومعناه إن تستجهلونا فإنا نستجهلكم كما تستجهلونا.
قوله تعالى :﴿ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ ﴾
تهديد، و ﴿ مَنْ ﴾ متصلة ب ﴿ سَوْفَ تَعْلَمُونَ ﴾ و ﴿ تعلمون ﴾ هنا من باب التعدية إِلى مفعول ؛ أي فسوف تعلمون الذي يأتيه العذاب.
ويجوز أن تكون ﴿ مَن ﴾ استفهامية ؛ أي أيّنا يأتيه العذاب؟.
وقيل :﴿ مَن ﴾ في موضع رفع بالابتداء و ﴿ يَأْتِيهِ ﴾ الخبر، و ﴿ يُخْزِيهِ ﴾ صفة ل ﴿ عذاب ﴾.
وحكى الكسائي : أن أناساً من أهل الحجاز يقولون : سو تعلمون ؛ وقال من قال :"ستعلمون" أسقط الواو والفاء جميعاً.
وحكى الكوفيون : سفْ تعلمون ؛ ولا يعرف البصريون إلا سوف تفعل، وستفعل لغتان ليست إحداهما من الأخرى ﴿ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ ﴾ أي يجب عليه وينزل به.
﴿ عَذَابٌ مُّقِيمٌ ﴾ أي دائم، يريد عذاب الآخرة.
قوله تعالى :﴿ حتى إِذَا جَآءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التنور ﴾ اختلف في التنور على أقوال سبعة : الأول أنه وجه الأرض، والعرب تسمي وجه الأرض تنوراً ؛ قاله ابن عباس وعِكرمة والزّهري وابن عيينة ؛ وذلك أنه قيل له : إذا رأيت الماء على وجه الأرض فاركب أنت ومن معك.