تركتم قِدْرَكم لا شيء فيها...
وقِدْرُ القوم حاميةٌ تَفُورُ
قوله تعالى :﴿ قُلْنَا احمل فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثنين ﴾ يعني ذكراً وأنثى ؛ لبقاء أصل النسل بعد الطوفان.
وقرأ حفص :"مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثنين" بتنوين "كل" أي من كل شيء زوجين.
والقراءتان ترجعان إلى معنًى واحدٍ :( شيء ) معه آخر لا يستغنى عنه.
ويقال للاثنين : هما زوجان، في كل اثنين لا يَستغني أحدهما عن صاحبه ؛ فإن العرب تسمي كل واحد منهما زوجاً.
يقال : له زوجا نعلٍ إذا كان له نعلان.
وكذلك عنده زوجا حمامٍ، وعليه زوجا قيود ؛ قال الله تعالى :﴿ وَأَنَّهُ خَلَقَ الزوجين الذكر والأنثى ﴾ [ النجم : ٤٥ ].
ويقال للمرأة هي زوج الرجل، وللرجل هو زوجها.
وقد يقال للاثنين هما زوج، وقد يكون الزوجان بمعنى الضربين، والصنفين، وكل ضرب يدعى زوجاً ؛ قال الله تعالى :﴿ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ ﴾ [ الحج : ٥ ] أي من كلِّ لون وصنف.
وقال الأعشى :
وكل زوجٍ من الدّيباجِ يَلبَسه...
أبو قُدامة محبوٌّ بذاك مَعَا
أراد كل ضرب ولون.
و﴿ مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ ﴾ في موضع نصب ب ﴿ احمل ﴾.
﴿ اثنين ﴾ تأكيد.
﴿ وَأَهْلَكَ ﴾ أي واحمل أهلك.
﴿ إِلاَّ مَن سَبَقَ ﴾.
"مَن" في موضع نصب بالاستثناء.
﴿ عَلَيْهِ القول ﴾ منهم أي بالهلاك ؛ وهو ابنه كنعان وامرأته وَاعِلَة كانا كافرين.
﴿ وَمَنْ آمَنَ ﴾ قال الضحاك وابن جريج : أي احمل من آمن بي، أي من صدّقك ؛ ف "من" في موضع نصب ب ﴿ احمل ﴾.
﴿ وَمَآ آمَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيلٌ ﴾ قال ابن عباس رضي الله عنهما : آمن مِن قومه ثمانون إنساناً، منهم ثلاثة من بنيه ؛ سام وحام ويافث، وثلاث كنائِن له.
ولما خرجوا من السفينة بنوا قرية وهي اليوم تدعى قرية الثمانين بناحية الموصل.